بقلم/ سالي جابر
أنا استطعت أن أكمل طريقًا كانت بدايته أحرف ضياء، كنت أكتب وأنا أعتقد أن لدي القدرة الدائمة على العبور عبر السطور، لكن في منتصف الطريق توقفت… وتوقف كل شيء.
لم يكن السبب أنني فقدت الأفكار، بل لأن الكلمات تحولت إلى خيوط متشابكة تحتاج إلى صبر، ودقة، ووقت، وهدوء، والأهم أن أعود إلى ذاتي الضائعة.
كان العمل مسؤوليّة ضاغطة على الوقت والنفس معًا. مسؤولية ثقيلة كأنها حجر يُلقى في بئر الروح، تقتل الإبداع وتُطفئ شرارة الخيال. لم أعد أستطيع مدّ خيط مستقيم داخل عقلي، ولا فكّ تلك الخيوط الملتفة.
كنت أجري خلف الوقت، وبمعصمي ساعة تشير إليّ كل لحظة أنني متأخرة عن نفسي. هاتفي صامت، ومع ذلك كنت تائهة، محاصرة بالضوضاء التي تعيش في الداخل لا الخارج.
وهنا تساءلت: كيف كان العظماء يكتبون رغم صعوبة الحياة؟
كيف لم تقتلهم مسؤولياتهم اليومية؟ وكيف استطاعوا أن يجدوا وقتًا للكلمات بينما نحن نكاد نضيع في تفاصيل صغيرة؟
٠عادات الكتّاب الكبار:
– نجيب محفوظ: كان يكتب يوميًا بعد الفجر، ساعتين ثابتتين لا يقترب منهما أحد، حتى صارت الكتابة عنده عادة تشبه الصلاة.بعض كلمات العظماء عن الكتابة
-فرجينيا وولف: لم تنتظر الإلهام؛ اعتزلت العالم ساعات طويلة، وكتبت يوميًا بانتظام، لأن الإبداع عندها ثمرة انضباط لا لحظة عابرة.
-إرنست همنغواي: أحب أن يبدأ الكتابة مع أول خيوط الشمس، وعندما تصل جملته إلى نقطة تستدعي طاقة جديدة، كان يتوقف لليوم التالي، ليعود بروح مشتعلة.
كل هؤلاء العظماء لم يعتمدوا فقط على ومضة تأتي وتذهب، بل صنعوا للكتابة طقسًا، عادةً، موعدًا مقدسًا.
حين قرأت عنهم أدركت أن الكتابة ليست رفاهية، وليست لعبة وقت فائض. الكتابة حياة.
هي بقاءٌ ومعنى، هي أن أجدني من جديد كلما ضعت في الزحام. لذلك قررت أن أعود إلى الكلمات، لكن هذه المرة بوعيٍ مختلف: أن أخصص لها وقتًا كما فعلوا، أن أصنع لها مكانًا داخل روحي قبل أن أصنع لها مكانًا على الورق.
فالكتابة ليست مجرد فعل… إنها نجاة.
بعض كلمات العظماء عن الكتابة:
طه حسين: “الكتابة ليست ترفًا، إنها حياة كاملة، من يكتب كأنه يعيش مرتين.”
نجيب محفوظ: “إن القلم هو صديقي الذي أهرب إليه من قسوة العالم.”
يوسف إدريس: “أكتب لأني لا أحتمل الصمت، ولأن الحياة لا تكتمل بلا حكاية.”
إحسان عبد القدوس: “الكتابة بالنسبة لي تنفّس، إن توقفت عنها اختنقت.”
إرنست همنغواي: “ليس هناك صديق أوفي من كتاب.”
فرجينيا وولف: “نحن لا نكتب ما نريد أن نقوله، بل نكتب لنكتشف ما نريد أن نقوله.”
