كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
المهق، المعروف أيضاً باسم البرص أو الألبينو، هو اضطراب وراثي خلقي نادر يؤدي إلى نقص جزئي أو كلي في إنتاج صبغة الميلانين في الجلد والشعر والعينين.
تعتبر هذه الحالة وراثية وتصيب الأفراد بغض النظر عن عرقهم أو جنسهم، وتستمر مدى الحياة.
ينقسم المهق إلى نوعين رئيسيين:
المهق الجلدي العيني: هو النوع الأكثر شيوعًا، ويؤثر على الجلد والشعر والعينين. ويُورث بطريقة جسمية متنحية.
المهق العيني: هو الأقل شيوعًا، ويصيب العينين فقط. قد يكون لون الجلد والشعر فيه أفتح قليلًا من باقي أفراد العائلة، ويُورث بطريقة متنحية مرتبطة بالكروموسوم X.
أسباب المهق
ينتج المهق عن طفرات جينية متنحية تؤثر على الجينات المسؤولة عن إنتاج الميلانين. في أغلب الحالات، تعود المشكلة إلى خلل أو غياب في إنزيم التيروزيناز، وهو الإنزيم الأساسي المسؤول عن تحويل الحمض الأميني “تيروزين” إلى صبغة الميلانين.
الأعراض والعلامات الرئيسية
تظهر أعراض المهق بشكل أساسي على الجلد والشعر والعينين، وتختلف شدتها حسب نوع المهق:
الجلد والشعر
شحوب شديد: يكون الجلد فاتحاً جداً أو أبيض وحساساً للغاية لأشعة الشمس.
الشعر: يتراوح لونه غالباً من الأبيض الناصع إلى الأشقر الفاتح أو الأصفر أو البني الفاتح، وقد يكتسب الشعر لوناً أغمق مع التقدم في العمر أو التعرض لبعض المعادن.
حساسية الشمس: يصبح المصابون عرضة بشكل كبير لحروق الشمس ولخطر الإصابة بسرطان الجلد بسبب نقص الميلانين الذي يوفر الحماية الطبيعية من الأشعة فوق البنفسجية.
العينان والرؤية
يؤثر نقص الميلانين في العينين على نمو مركز البصر ويسبب مشاكل بصرية، ومن أبرزها:
لون العين: يتراوح لون القزحية من الأزرق الفاتح جداً إلى البني، وقد تبدو حمراء أو وردية في بعض الأحيان بسبب انعكاس الضوء على الأوعية الدموية داخل العين.
الرأرأة: حركات سريعة لا إرادية للعينين ذهاباً وإياباً.
الحول: عدم تزامن حركة العينين.
رهاب الضوء: حساسية شديدة للضوء الساطع.
ضعف الرؤية: يواجه العديد من المصابين بمهق مشاكل في الرؤية، قد تتراوح بين انخفاض حدة البصر إلى ضعف شديد.
التشخيص والعلاج: التركيز على الوقاية
يعتمد التشخيص بشكل أساسي على الفحص السريري لسمات المريض الظاهرة. وللتأكد من النوع الجيني، يُعد التسلسل الجيني هو “المعيار الذهبي”.
لا يوجد علاج شافي للمهق حاليًا، لذلك يرتكز العلاج على حماية المريض وتصحيح المضاعفات:
حماية الجلد والبصر: يجب اتباع حماية صارمة من الشمس، سواء بارتداء الملابس الواقية أو استخدام واقي شمسي بعامل حماية 50+. ويجب تجنب التعرض للشمس خلال أوقات الذروة (من 11 صباحًا إلى 5 مساءً). كما ينبغي تصحيح البصر بالنظارات (ويُفضل العدسات المستقطبة) وإجراء فحص نظر دوري منتظم، والبدء بـ التحفيز البصري في الأشهر الأولى.
تصحيح بعض المشكلات: يمكن علاج الحول بتغطية العين أو قد يتطلب الأمر إجراء جراحيًا. كما يمكن علاج الرأرأة بالجراحة.
المكملات الغذائية: نظرًا للتعرض المحدود للشمس، قد يُنصح بتناول مكملات فيتامين د بعد استشارة الطبيب.
دور الرعاية الأولية والدعم الاجتماعي
يُعد طبيب الأطفال للرعاية الأولية هو المثالي لاكتشاف المضاعفات مبكرًا وتوجيه الآباء بخصوص حماية الجلد والعينين. وبما أن الحالة وراثية، يجب تقديم المشورة الوراثية للآباء وفحص الأطفال المصابين.
من المهم التأكيد على أن المهق لن يمنع المصابين به من عيش حياة كاملة وناجحة في جميع المجالات (المهنية، والاجتماعية، والرياضية). يجب العمل على دعمهم ودمجهم لمنع العزلة وتفادي الوصمة الاجتماعية.
