د. إيمان بشير ابوكبدة
كشفت دراسة أمريكية حديثة عن علاقة مقلقة بين تناول الأطعمة فائقة التصنيع—مثل المشروبات المحلّاة والوجبات الخفيفة المعلّبة والأطعمة الجاهزة—وبين زيادة خطر الإصابة بالسلائل المعوية المرتبطة بسرطان القولون والمستقيم المبكّر.
ووفقًا للدراسة المنشورة في مجلة JAMA Oncology، والتي أُجريت في مستشفى ماساتشوستس جنرال بريغهام، فإن استهلاك هذه المنتجات بشكل منتظم قد يرفع خطر الإصابة بالأورام الأولية بنسبة 45% قبل سن الخمسين، وهي فئة عمرية يشهد فيها المرض ارتفاعًا لافتًا في السنوات الأخيرة.
تابعت الدراسة 29,105 ممرّضة أمريكية على مدى 24 عامًا ضمن مشروع Nurses’ Health Study II، حيث خضعت المشاركات لفحص القولون مرة واحدة على الأقل قبل بلوغ الخمسين، وملأن استبيانات غذائية كل أربع سنوات لتقييم نسبة تناولهن للأطعمة فائقة المعالجة. وتشير البيانات إلى أن نحو 34.8% من السعرات الحرارية اليومية كانت تأتي من هذه المنتجات، أي ما يعادل قرابة 5.7 حصص يوميًا.
وأظهرت النتائج أن النساء اللواتي تناولن كميات أكبر من الأطعمة فائقة التصنيع سجلن ارتفاعًا واضحًا في خطر الإصابة بالأورام الغدية التقليدية، بينما لم يظهر ارتباط مهم بالنسبة للآفات المسنّنة. وبيّن البروفيسور أندرو تشان أن العلاقة كانت خطيّة: “كلما زاد استهلاك هذه المنتجات، ازدادت احتمالية تكوّن الزوائد البوليبية.”
وتقترح الدراسة أن الحدّ من تناول هذه الأغذية قد يكون خطوة فعالة في الحد من الارتفاع المتسارع لسرطان القولون والمستقيم المبكّر، لكنها في الوقت ذاته تؤكد أن النتائج تشير إلى ارتباط وليس إلى علاقة سببية مباشرة.
كما يوضح الباحثون أن عوامل أخرى قد تساهم في زيادة معدلات المرض بين الفئات الشابة، مثل الالتهابات المزمنة في الأمعاء، تغيّرات الميكروبيوم، تراكم المضافات الغذائية، وانخفاض استهلاك الألياف في الأنماط الغذائية الحديثة.
وتوصي الدراسة باتباع نظام غذائي متوازن يعتمد على الأطعمة الطبيعية وقليلة التصنيع، مع الحفاظ على نمط حياة صحي يشمل النشاط البدني، والوزن المناسب، والإكثار من تناول الخضروات والفواكه والألياف. كما تشدد على أهمية الانتباه لأي أعراض مقلقة—مثل تغيّر عادات الإخراج أو وجود دم أو فقدان وزن غير مبرر—والتوجّه للفحص الطبي دون انتظار بلوغ سن الخمسين.
وتدعو النتائج صانعي السياسات الصحية إلى تعزيز حملات التوعية وتشجيع الوصول إلى الأغذية الصحية، خاصة للفئات الأصغر سنًا، للحد من تزايد هذا النوع من السرطانات.
