بقلم: انتصار عمار
كان ليلًا يئن بالأوجاع، يتنفس صعداء الأسى، صرخة مدوية في أرجاء الزمان، حينما خر ذلك الجواد مغشيًا عليه، عندما مال برأسه على جدار بارد، منزوعة روحه،
فاقد الحس، وكأنما تبلدت مشاعره في صقيع الوجود.
جسد هزيل، أنهكه السفر الطويل عبر راحلة الزمن، وجه شاحب، رسمته أنامل القدر، قدمان ترتعشان من جليد تلك الصفعة، وكأنما تعثرت قدماه، وشُلت قواه، ذاك الجواد الذي لطالما عصفت به الريح، ولم تنل منه.
كم كان صامدًا، كهرم شامخ في قلعة الأحزان، اليوم عيناه السوادوتين، تشبهان بحيرتين راكدتين، تسبحان في معزوفة الأوجاع، تُنشدان لحن الدموع.
تُرى ماالذي أدمى فؤاده!
أهي تلك الندبات العالقة بجسده، وتسطر كتبًا من الأوجاع؟ أم هي مرآة الصمود المكسورة وكان يرى بها ملامح كبريائه؟ أم هي دفاتر الشتاء التي بين ثنايا أضلعه، مخطوط بها ذكريات ماض قديم، تظل تحي
اه جوارحه.
