تجارة الأعضاء البشرية  :   جرائم تهدد الإنسانية

بقلم  – بسمه صبحي :

 

في عالم تسوده التقلبات  الاقتصادية والاجتماعية، برزت تجارة الأعضاء البشرية كواحدة من أخطر وأبشع الجرائم التي تهدد الكرامة الإنسانية. ورغم خطورة هذه الجريمة، فإنها غالبًا ما تتم في الظل، تحت غطاء الحاجة، والفقر، والاستغلال.

إن تجارة الأعضاء ليست مجرد انتهاك جسدي، بل جريمة متكاملة الأركان تمس الأخلاق والقانون وحقوق الإنسان.

ما هي تجارة الأعضاء؟

تجارة الأعضاء هي بيع أو شراء أعضاء بشرية (كالكلى، الكبد، القلب، القرنية…) بصورة غير قانونية، سواء من أحياء يتم استغلالهم أو من جثث تُنهب دون إذن أو احترام لحرمة الموتى. هذه التجارة تُدار من قبل شبكات إجرامية منظمة تمتد من الدول الفقيرة إلى المستشفيات أو العيادات في دول غنية، حيث يُستغل الفقراء واللاجئون والمهمشون كـ”بنوك أعضاء بشرية”.

أسباب انتشار تجارة الأعضاء

  1. الفقر والحاجة: الكثيرون يُجبرون على بيع أعضائهم بسبب الجوع أو الحاجة إلى المال لتسديد ديون أو علاج أحد أفراد الأسرة.
  2. النزاعات والحروب: في مناطق النزاع، يُختطف الأطفال أو يُستغل اللاجئون في هذه التجارة، وسط غياب الرقابة القانونية.
  3. الطلب المرتفع وقلة المتبرعين: يزداد الطلب على الأعضاء مع قلة المتبرعين، ما يخلق بيئة مثالية لنمو السوق السوداء.
  4. فساد بعض الأنظمة الصحية: تورّط أطباء أو مستشفيات خاصة في إجراء عمليات نقل أعضاء غير قانونية.

كيف تتم الجريمة؟

تُمارس هذه الجريمة بطرق متعددة، منها:

  • استغلال الفقراء بإقناعهم ببيع أعضائهم مقابل مبلغ زهيد، يُوهمهم بالسلاسة والسهولة، ثم يلقى  بهم دون رعاية صحية.
  • خطف الأطفال أو المهمشين ثم سرقة أعضائهم.
  • التلاعب في بيانات المتبرعين في بعض المستشفيات لتسهيل سرقة الأعضاء.
  • الاستفادة من جثث الموتى دون إذن من أهاليهم أو الدولة.

الآثار المترتبة على الضحايا

  • صحية: يتعرض الضحايا لمضاعفات خطيرة بعد نزع الأعضاء، في ظل غياب المتابعة الطبية.
  • نفسية: الشعور بالذل، الندم، الإهانة، أو حتى الإصابة بالاكتئاب.
  • اجتماعية: وصمة عار في بعض المجتمعات، مما يزيد من عزلتهم وفقرهم.

الجهود الدولية لمكافحة تجارة الأعضاء

  • وقّعت العديد من الدول على اتفاقيات مثل اتفاقية ستراسبورغ لمكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية.
  • تعمل منظمات مثل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر على التوعية بمخاطر هذه التجارة وتشجيع التبرع الطوعي.
  • ومع ذلك، يبقى التطبيق الفعلي صعبًا في الدول التي تعاني من الفساد أو ضعف القانون.

دور المجتمع والإعلام

  • التوعية المجتمعية ضرورة ملحة لتحذير الفئات المستهدفة من الوقوع ضحية.
  • الإعلام يلعب دورًا في كشف الشبكات وفضح ممارساتها.
  • التثقيف الصحي حول مخاطر بيع الأعضاء ومضاعفاته على المدى البعيد.

وفى النهاية  فأن تجارة الأعضاء جريمة لا تقتصر على السرقة أو القتل، بل هي اعتداء مباشر على إنسانية الإنسان. هي مرآة لخلل عميق في ضمير العالم، حيث تُباع أجساد الفقراء لإنقاذ أجساد الأغنياء. ولكي نواجهها، لا بد من قوانين صارمة، رقابة فعالة، ووعي مجتمعي حقيقي يحارب الجهل والاستغلال

Related Posts

حفل تدشين مجلة “العرب الدولية” دعوات للتنوير وتصحيح المفاهيم المغلوطة

السيد عيد شهد نادي نقابة الأطباء بالجيزة مساء أمس حفل تدشين مجلة “العرب الدولية”، وسط حضور نخبة من الشخصيات العامة، والمثقفين، والإعلاميين، وعدد من المفكرين العرب، في أمسية احتفالية اتسمت…

دور مصر تجاه فلسطين ثابت لا يتغير

د /حمدان محمد في تصريح يحمل بين طياته رسائل واضحة للداخل والخارج أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن موقف مصر من القضية الفلسطينية هو موقف مبدئي ثابت لم يتغير على…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

HadithWatan AI
👋 أهلاً! اسألني عن أي شيء يخص موقع حديث وطن.