
كتبه د. ابراهيم عوض
يُعَدّ المولد النبوي الشريف من أعظم المناسبات التي تحتفي بها الأمة الإسلامية، إذ يُجسّد ذكرى ميلاد سيد الخلق والمرسلين، النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي جاء رحمة للعالمين، وهداية للبشرية جمعاء. ففي الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام هجري، يستحضر المسلمون تلك اللحظة المضيئة التي غيّرت مجرى التاريخ، وبدّدت ظلام الجهل والشرك بنور التوحيد والإيمان.
لقد كان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم إيذانًا بقدوم قائد إنساني عظيم، حمل رسالة الإصلاح والتغيير، ودعا إلى العدالة والمساواة، ورسم منهجًا قويمًا للعيش بكرامة. فالإسلام الذي جاء به، لم يكن مجرد طقوس دينية، بل منظومة متكاملة للارتقاء بالإنسان روحيًا وأخلاقيًا وحضاريًا.
إن الاحتفاء بالمولد النبوي لا يقتصر على المظاهر الاحتفالية فحسب، بل هو محطة إيمانية للتأمل في سيرة النبي العطرة، واستلهام معاني الصبر والتسامح والإخلاص التي تجسدت في حياته. فهو الذي ضرب أروع الأمثلة في العدل، والرحمة، والتواضع، حتى غدا قدوة للإنسانية جمعاء.
ويحمل المولد النبوي في جوهره رسالة متجددة، مفادها أن العودة إلى نهج الرسول صلى الله عليه وسلم هي السبيل لتصحيح المسار، ولمواجهة ما يعصف بالعالم من تحديات أخلاقية وإنسانية. فالعالم اليوم، وهو يعيش أزمات الحروب والانقسامات، أحوج ما يكون إلى الاقتداء برسول الرحمة الذي جمع بين القلوب، وغرس قيم الأخوة والسلام.
وفي هذه الذكرى المباركة، يستعيد المسلمون معاني الفخر بانتمائهم إلى أمة حملت مشعل الحضارة لقرون طويلة، بفضل ما غرسه النبي الكريم من مبادئ العلم والعمل والتقوى. فالمولد النبوي ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو مناسبة لإحياء الروح، وتجديد العهد مع الله ورسوله، والسير على خطى الهداية والنور.