بقلم: دارين عوض
في الوقت الذي ينتظر فيه الجمهور العربي تخليد رموزهم الوطنية في أعمال تليق بقيمتهم، جاء فيلم “الست” ليثير عاصفة من الجدل لم تتوقف عند حدود النقد الفني، بل وصلت إلى اتهامات صريحة بـ “الخيانة الفنية”. هذا المصطلح القاسي الذي أطلقته الناقدة مها متبولي، لم يأتِ من فراغ، بل يعكس هوة سحيقة بين حقيقة أم كلثوم وبين ما قُدم على الشاشة.
تزييف الواقع باسم الفن
إن أولى الخطايا التي وقع فيها صناع العمل هي التخلي عن الحياد والموضوعية. فبدلاً من تقديم سيرة ذاتية تستلهم من عبقرية “الست” وكفاحها، ذهب الفيلم نحو منطقة شائكة قوامها الادعاءات الباطلة والأكاذيب. لقد تساءلت متبولي بمرارة عن الدافع وراء هذا العداء الواضح لرمز وطني مصري، وكيف تحول العمل من توثيق لمسيرة فنية إلى محاولة “تشويه وتجريح” لا يقبلها عقل أو منطق.
صدمة الجمهور والرفض الشعبي
لم يكن الرفض لهذا العمل نخبوياً فقط، بل جاء شعبياً بامتياز. فالجمهور الذي ارتبط وجدانياً بأم كلثوم، وجد نفسه أمام شخصية غريبة عنه، شخصية نُسبت إليها “النقائص” وجُردت من وقارها المعهود. هذا الزيف التاريخي هو ما خلق حالة من النفور والرفض، فالسينما التي لا تحترم ذاكرة الشعوب تفقد شرعيتها منذ اللحظة الأولى.
المسؤولية الصحفية.. كلمة حق في وجه التشويه
أضم صوتي إلى صوت الناقدة مها متبولي. إن الدفاع عن أم كلثوم ليس دفاعاً عن شخص، بل هو دفاع عن الهوية المصرية وقواها الناعمة. كيف يرتضي صناع فيلم “الست” أن يزيحوا الستار عن عمل يسيء لكوكب الشرق بهذا الشكل؟ وهل أصبحت “الدراما” مطية لتزييف الوعي ونشر المغالطات؟
“إن ما حدث في فيلم الست ليس مجرد سقطة إخراجية أو ضعف فج في السيناريو، بل هو تعدٍ صارخ على رمز لا يملكه صناع الفيلم وحدهم، بل يملكه التاريخ والشعب.”
إن فيلم “الست” سيظل علامة استفهام كبرى في تاريخ السينما المصرية، ليس بجمالياته، بل لكونه العمل الذي تجرأ على تزييف سيرة “سيدة الغناء العربي” بغير وجه حق.
