الجمعة 4 ربيع الثاني 1447 | 26 - سبتمبر - 2025 - 10:23 م
الرئيسيةتقاريرالصدع الإفريقي العظيم: هل يقسم القارة الإفريقية إلى نصفين؟

الصدع الإفريقي العظيم: هل يقسم القارة الإفريقية إلى نصفين؟

جمال حشاد

يُعد الصدع الإفريقي العظيم (The Great African Rift) أحد أبرز الظواهر الجيولوجية على سطح الأرض، حيث يمتد على طول آلاف الكيلومترات من شمال شرقي إفريقيا حتى جنوبها الشرقي. يُثير هذا الصدع اهتمام العلماء والباحثين لما له من تأثيرات جيولوجية مستقبلية قد تؤدي- وفق التقديرات- إلى انقسام قارة إفريقيا إلى جزئين.

ما هو الصدع الإفريقي العظيم؟

الصدع الإفريقي العظيم هو شق جيولوجي ضخم تشكّل نتيجة حركة الصفائح التكتونية التي تؤثر على القشرة الأرضية.. ويمتد هذا الصدع من منطقة البحر الأحمر شمالًا، مرورًا بإثيوبيا وكينيا وتنزانيا، وصولًا إلى موزمبيق جنوبًا، بطول يقارب 6000 كيلومتر.

ويتكون من فرعين رئيسيين:

الفرع الشرقي: يشمل إثيوبيا وكينيا وتنزانيا.

الفرع الغربي: يمتد من أوغندا مرورًا برواندا وبوروندي والكونغو.

ما سبب حدوثه؟

السبب الأساسي وراء الصدع هو ابتعاد الصفيحتين الإفريقية والصومالية عن بعضهما البعض. هذا الابتعاد يسبب توترات في القشرة الأرضية تؤدي إلى تشققات، وانهيارات، وتكون البراكين والزلازل في بعض المناطق.

هل يقسم القارة الإفريقية حقًا؟

بحسب حديث العلماء، فإن الانقسام المحتمل حقيقي لكن بطيء جدًا؛ وتشير الأبحاث الجيولوجية إلى أن القارة الإفريقية قد تنقسم فعليًا لتتكوّن قارة جديدة أو شبه جزيرة تضم أجزاء من شرق إفريقيا، مثل إثيوبيا، كينيا، وتنزانيا، والتي ستبتعد عن باقي القارة وتُحاط بمحيط جديد.

وقد ظهرت دلائل على هذا الانقسام، مثل الشق الهائل الذي ظهر في عام 2018 في كينيا بطول عدة كيلومترات وعمق واضح، ما يدل على أن القشرة الأرضية تضعف تدريجيًا في هذه المنطقة.

تأثيرات الصدع الحالية:

رغم أن عملية الانقسام ما زالت في بدايتها، إلا أن الصدع يسبب عدة ظواهر حالية، منها:

نشاط زلزالي وبركاني في مناطق مثل إثيوبيا وكينيا.

تشكل بحيرات جديدة نتيجة انهيارات أرضية، مثل بحيرة توركانا.

تغيرات بيئية تؤثر على الحياة البرية والأنشطة الزراعية.

الصدع الإفريقي العظيم ليس مجرد تشقّق في الأرض، بل هو علامة على تغيّر جيولوجي عميق يشهده كوكب الأرض؛ وبينما لا يشكل خطرًا مباشرًا على سكان القارة حاليًا، إلا أنه يُعد من الظواهر التي تستحق المتابعة والبحث لفهم مستقبل القارة الإفريقية، وتاريخها الجيولوجي المثير.

كيف يؤثر الصدع الإفريقي على البيئة والسكان؟

رغم أن عملية الانقسام الجيولوجي بطيئة جدًا، إلا أن آثاره البيئية والإنسانية يمكن ملاحظتها في بعض المناطق:

1. الزلازل والنشاط البركاني:

تعد المناطق الواقعة ضمن الصدع من الأكثر عرضة للهزات الأرضية والانفجارات البركانية، مثل بركان “إيرتا ألي” في إثيوبيا. هذه الظواهر تهدد حياة السكان وتؤثر على البنية التحتية المحلية، خصوصًا في القرى والمناطق الزراعية.

2. تشكل بحيرات وفجوات جديدة

نتيجة لانهيار الأرض، تتكوّن بحيرات جديدة أو تتسع البحيرات القديمة، كما هو الحال مع بحيرة ألبرت وبحيرة توركانا. هذه البحيرات قد تُغير من مصادر المياه والأنظمة البيئية، وقد تؤثر على الزراعة ومصايد الأسماك.

3. تأثيرات على الزراعة والمناخ

التغيرات الجيولوجية قد تُحدث تحولًا في شكل الأرض والمناخ المحلي، ما يؤدي إلى تغير في طبيعة التربة، توزيع الأمطار، ودرجات الحرارة، وهذا بدوره يؤثر على المحاصيل والحياة الاقتصادية لسكان المناطق المتأثرة.

فرص اقتصادية واعدة رغم المخاطر :

ورغم التحديات، إلا أن الصدع الإفريقي العظيم يفتح المجال أمام فرص اقتصادية كبيرة، منها:

1. الطاقة الحرارية الجوفية

يُعد الصدع الإفريقي من أغنى المناطق بمصادر الطاقة الحرارية الجوفية، وهي طاقة نظيفة ومتجددة. تستفيد كينيا وإثيوبيا من هذه الطاقة لتوليد الكهرباء، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

2. السياحة الجيولوجية والطبيعية

يُعد الصدع موقعًا فريدًا للسياحة الجيولوجية، حيث يأتي الزوار لمشاهدة البراكين، والفوهات، والبحيرات، مما يخلق فرص عمل ويساهم في الاقتصاد المحلي.

3. البحث العلمي :

الموقع الجغرافي الفريد للصدع يجذب علماء الجيولوجيا والبيئة والآثار، ما يجعل المنطقة مركزًا عالميًا للبحث العلمي، ويفتح الباب أمام الشراكات الدولية وتمويل الدراسات.

هل يجب القلق من انقسام إفريقيا؟

رغم أن فكرة انقسام القارة تبدو مثيرة، إلا أنها ليست مدعاة للقلق الفوري، فمثل هذه التحولات تستغرق ملايين السنين. لكن من المهم أن تتابع الحكومات والمؤسسات العلمية الوضع الجيولوجي، وتتخذ إجراءات للحد من آثار الزلازل والبراكين، وتحسين البنية التحتية في المناطق المعرضة للخطر.
الصدع الإفريقي العظيم ليس مجرد شق في الأرض، بل هو شاهد حي على التغيرات العميقة التي يشهدها كوكبنا منذ ملايين السنين. وبينما قد يبدو أن إفريقيا ستنقسم إلى قسمين في المستقبل البعيد، إلا أن الأهم اليوم هو فهم هذه الظاهرة، واستغلال فرصها، والحد من مخاطرها.

هذا الصدع يذكرنا بأن الأرض كيان حيّ، يتنفس ويتحرك، وأننا جزء من رحلة طويلة ومعقدة لتشكل القارات والحياة على سطح الكوكب.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا