السبت 5 ربيع الثاني 1447 | 27 - سبتمبر - 2025 - 12:16 م
الرئيسيةالأخبار العالميةشهادات صادمة تكشف فظاعة الإصابات في غزة

شهادات صادمة تكشف فظاعة الإصابات في غزة

د. نادي شلقامي

كشف أطباء وممرضون من دول مختلفة عملوا في مستشفيات قطاع غزة عن حجم غير مسبوق من الإصابات بين الفلسطينيين، مؤكدين أنها أشد مما شاهدوه في أي نزاع آخر، وذلك بحسب دراسة علمية خضعت لمراجعة الأقران ونشرتها المجلة الطبية البريطانية العريقة “BMJ”.

الدراسة شملت آراء 78 من العاملين في المجال الإنساني، معظمهم من أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث أجابوا عن أسئلة حول طبيعة الإصابات وشدّتها وأسبابها أثناء عملهم في غزة. وأوضح فريق البحث بقيادة خبراء بريطانيين أن هذه النتائج تمثل أكثر البيانات شمولاً المتوفرة حتى الآن بشأن إصابات المدنيين الفلسطينيين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ قرابة عامين ضد حركة حماس، خاصة في ظل تدمير البنية التحتية الصحية وتشديد القيود على دخول المنظمات الدولية.

وقال الجراح البريطاني عمر التاجي، كبير الباحثين المشاركين في الدراسة، إن نحو ثلثي المشاركين سبق أن عملوا في مناطق صراع أخرى، إلا أن الغالبية العظمى منهم أكدوا أن الإصابات التي شاهدوها في غزة كانت “الأسوأ على الإطلاق”.

وبعد ما يصل إلى ثلاثة أشهر من عودتهم من غزة، قدّم المشاركون معلومات دقيقة استنادًا إلى سجلاتهم وتقارير عملهم التي امتدت بين أسبوعين و12 أسبوعًا في الفترة من أغسطس 2024 إلى فبراير 2025. وتم توثيق أكثر من 23,700 إصابة خطيرة وحوالي 7,000 إصابة ناجمة عن أسلحة، وهي أرقام تتوافق مع بيانات منظمة الصحة العالمية.

وصفت الدراسة الإصابات بأنها “حادة بشكل غير مسبوق”، إذ إن أكثر من ثلثي الإصابات الناجمة عن الأسلحة سببها الانفجارات الناتجة عن القصف الإسرائيلي المتواصل، وهو ما يمثل أكثر من ضعف المعدل المسجّل في النزاعات الحديثة الأخرى. كما أن نسب هذه الإصابات تقارب تلك التي أصيب بها الجنود الأمريكيون في حربي العراق وأفغانستان.

وأشار التاجي إلى “فارق هائل” بين المدنيين والجنود، فالأخيرون يمتلكون تدريبًا وحماية ويكونون مستعدين مسبقًا للخطر، على عكس المدنيين العُزّل. كما كشفت الدراسة عن نسب مرتفعة للغاية من الحروق من الدرجة الثالثة والرابعة التي تخترق الجلد، حيث ذكر التاجي أنه شاهد عددًا صادمًا من الأطفال الذين وصلت حالتهم إلى درجة رؤية عضلاتهم وعظامهم.

كما رصدت الدراسة انتشارًا كبيرًا لحالات سوء التغذية والجفاف، خصوصًا بعد إعلان الأمم المتحدة حالة المجاعة في غزة في أغسطس الماضي.

تضمّنت الدراسة شهادات مؤثرة من العاملين الصحيين، إذ قال أحد الأطباء إن “أصعب ما شاهده كان توسّل الأمهات لإنقاذ أطفالهن الميتين”، فيما أشار آخرون إلى أن بعض الأطفال تحدثوا عن رغبتهم في الانتحار بعد مشاهدتهم أفراد عائلاتهم يموتون أمام أعينهم.

وتحدث العاملون أيضًا عن صعوبات هائلة في إجراء العمليات الجراحية بسبب نقص المعدات والدعم، ما اضطرهم إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن تقنين الرعاية الطبية لإنقاذ من لديهم فرص نجاة أكبر.

وأوضح التاجي أنه عندما وصل إلى المستشفى الأوروبي في غزة في مايو 2024، كان يستقبل خلال ليالٍ متتالية مجموعات تضم نحو 70 مصابًا بجروح بالغة، مضيفًا أنه وزملاءه اضطروا للتبرع بالدم لتعويض النقص الحاد في الإمدادات.

واندلعت الحرب عقب هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أودى بحياة 1219 شخصًا معظمهم مدنيون، وفق البيانات الرسمية الإسرائيلية. وردًا على ذلك، شنت إسرائيل حملة عسكرية واسعة في غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 65,500 شخص، معظمهم مدنيون أيضًا، وإصابة أكثر من 167,000 آخرين، بحسب وزارة الصحة في القطاع.

واستنكر التاجي منع دخول الطواقم الطبية الدولية إلى غزة، في حين حذّر ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريك بيبركورن في أغسطس من أن هذا “المنع التعسفي” يفاقم من عدد الوفيات التي يمكن تفاديها.

 

 

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا