السبت 5 ربيع الثاني 1447 | 27 - سبتمبر - 2025 - 7:20 م
الرئيسيةتقاريركتاب لم يُفك شفرته

كتاب لم يُفك شفرته

تقرير-ياسمين إبراهيم

في أحد أرفف التاريخ الغامضة، يقبع كتابٌ لا يُشبه أي كتابٍ آخر، كتابٌ تحدّى العلماء واللغويين وعلماء الشفرات لقرون، ومع ذلك ما زال عصيًّا على الفهم… إنّه مخطوطة فوينيش، أو كما يُطلق عليه البعض “الكتاب الذي لم يُفك شفرته”.

تبدأ الحكاية سنة 1912 حين اشترى تاجر كتب بولندي يُدعى ويلفريد فوينيش مخطوطة قديمة من دير في إيطاليا. كانت الأوراق مهترئة، والرسومات باهتة، والخطوط مكتوبة بلغة لا تُشبه أي لغةٍ بشرية معروفة. وبعد فحصها، اكتشف العلماء أن عمرها الحقيقي يعود إلى ما بين 1404 و1438، أي أنها أقدم من اكتشاف أمريكا بعقود طويلة.

ما يجعل هذا الكتاب أكثر غموضًا ليس قِدمه فقط، بل محتواه العجيب. صفحات مليئة برسومات نباتات لا وجود لها في عالمنا، وأشكال فلكية وكواكب غير معروفة، وأجساد نساءٍ عاريات ينفّذن طقوسًا غامضة في أحواض من السائل الأخضر. هناك صفحات أخرى تُظهر أجهزة أو آليات لا يعرف أحدٌ وظيفتها.

أما النص المكتوب، فهو اللغز الأعظم. لغة غريبة تتبع أنماطًا نحوية حقيقية، لكنها لا تشبه أي لغة معروفة على وجه الأرض. لا أحد يعرف من كتبها أو لماذا، وكل محاولات فكّها باءت بالفشل، من جواسيس الحرب العالمية الثانية إلى أعظم العقول في وكالات الاستخبارات الحديثة. حتى الذكاء الاصطناعي وقف عاجزًا أمامها.

تعددت النظريات حول أصل الكتاب:

هناك من يظن أنه كتاب سحر وتعويذات من العصور الوسطى.

وآخرون يرون أنه رسالة طبية سرية سُجلت بلغة اصطناعية لحمايتها.

وبعضهم يعتقد أن مؤلفه كائن غير بشري أو رسول من حضارةٍ سابقة.

وهناك من يراه مجرد خدعة عبقرية ابتكرها عقل بارع لإرباك العالم.

لكن مهما تنوّعت التفسيرات، تبقى المخطوطة عصيّة على الفهم. لا أحد يعرف سبب كتابتها، أو ماهية الرسومات الغريبة، أو حتى ما إذا كانت تحمل رسالة حقيقية أم لا.

وربما أخطر ما في الأمر أن الكتاب ما زال “ينبض” بأسئلته حتى اليوم، كأنّ بين سطوره سرًّا لا يريد أن يُكشف، أو لعنة لا ينبغي أن تُفكّ.

فهل نحن أمام معرفة بشرية ضائعة تنتظر من يعيد اكتشافها؟

أم أن كتاب فوينيش لم يُكتب أصلًا لكي يُفهم؟

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا