د.نادي شلقامي
يمثل معرض مصر الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية (إيديكس 2025)، والذي أُقيم تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، نقطة تحول استراتيجية ومكسبًا متعدد الأبعاد لمصر. هذه النسخة، التي نُظمت لأول مرة بإدارة مصرية كاملة دون الاستعانة بشركة أجنبية، أكدت على مكانة مصر المتصاعدة كقوة إقليمية رائدة وبوابة رئيسية للصناعات الدفاعية نحو أفريقيا والشرق الأوسط. وقد تجاوز تأثير المعرض المجال العسكري ليطال جوانب سياسية واقتصادية وسياحية، وصولًا إلى مردود غير مباشر على المواطن العادي.
أولا…. المكاسب السياسية والاستراتيجية
1- تعزيز المكانة الإقليمية والدولية:
أثبت تنظيم المعرض، رغم التحديات الإقليمية، قدرة مصر على استضافة وتنظيم فعاليات دولية كبرى، مما عزز الثقة الدولية في استقرارها ومكانتها. وبحضور وفود رسمية من أكثر من 100 دولة وقادة جيوش وصناع قرار، رسخ “إيديكس” موقع مصر كمركز ثقل لصفقات السلاح ومعروضاته في المنطقة.
2- رسالة قوة الردع:
شكل المعرض رسالة استراتيجية قوية للعالم حول امتلاك مصر قوة ردع شاملة وتطورها السريع في بناء منظومتها الدفاعية والصناعية العسكرية.
3- بناء الشراكات:
أتاح المعرض منصة مهمة لتعميق العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف، حيث عُقدت لقاءات رفيعة المستوى بين القادة العسكريين المصريين ووزراء الدفاع ورؤساء الأركان من مختلف الدول، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون العسكري وتبادل الخبرات.
ثانيا… العائد الاقتصادي والتصنيع العسكري
1- توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا:
كان الجناح المصري الأكبر والأكثر جذبًا، حيث عرضت الشركات الوطنية (وزارة الإنتاج الحربي، الهيئة العربية للتصنيع) معدات وأنظمة مطورة محليًا، مثل منظومة “ردع 300” ومركبة “سينا 806” المدرعة، ومنظومة الهاوتزر (K9 A1 EGY). هذا العرض يبرز التقدم في توطين التكنولوجيا العسكرية.
2- تسويق المنتجات الوطنية:
يعد “إيديكس” منصة دولية بارزة لتسويق المنتجات المصرية وإبرام مذكرات التفاهم والشراكات الدفاعية، مثل مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع شركة Norinco الصينية لتعزيز توطين التكنولوجيا. هذا التحول من مجرد تلبية الاحتياجات المحلية إلى التصدير يساهم في توفير العملة الصعبة.
3- الاستفادة من التكنولوجيا العالمية:
يمثل المعرض فرصة للاطلاع والاستفادة من أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا التصنيع العسكري عالميًا، مما يعزز القدرات الدفاعية المصرية ويطورها.
ثالثا… المكاسب العسكرية والأمنية
1- تحديث القدرات العسكرية:
عرض أحدث الابتكارات الدفاعية والتقنيات العسكرية المصرية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي، والمركبات المدرعة، والطائرات المسيرة (مثل “جبار 200”)، يؤكد على التزام الجيش المصري بتحديث منظومات التسليح البرية والبحرية والجوية.
2- تبادل الخبرات والتدريب:
أُقيمت على هامش المعرض دورات تدريبية وورش عمل ولقاءات عالية المستوى لمناقشة آخر التطورات في أشكال العمليات ومسارحها، مما يعزز تبادل الخبرات والمعارف العسكرية المتخصصة بين جيوش العالم.
3- تعزيز الأمن القومي:
إن تطوير الصناعات الدفاعية وتملك قوة ردع شاملة يمثلان ركيزة أساسية لدعم الأمن القومي المصري في منطقة مضطربة.
رابعا… الأثر السياحي والمجتمعي (على المواطن العادي)
1- الترويج السياحي غير المباشر:
استقطاب ما يقرب من 45 ألف زائر متخصص ووفود رسمية من 100 دولة يؤدي إلى انتعاش في قطاع سياحة المؤتمرات والمعارض، مما يزيد من الإشغالات الفندقية وحركة الطيران والنقل الداخلي، ويخلق فرص عمل مؤقتة في قطاعات الخدمات.
2- بناء الثقة والفخر الوطني:
تنظيم المعرض بمستوى عالمي وإبراز القدرات المصرية في التصنيع العسكري يساهم في بناء صورة ذهنية إيجابية عن الدولة المصرية وقدرتها التنظيمية والتكنولوجية، مما يعزز الثقة والفخر لدى المواطن العادي.
3- آفاق التوظيف المستقبلي:
يؤدي توطين الصناعات وتطويرها إلى زيادة الحاجة إلى مهندسين وفنيين وعمالة مدربة في المجالات التكنولوجية والعسكرية، مما يفتح آفاقاً للتوظيف والتدريب للأجيال الجديدة، ويساعد في نقل المعرفة المتقدمة.
وختاما…إن معرض “إيديكس 2025” لم يكن مجرد عرض للمعدات العسكرية، بل كان استثمارًا استراتيجيًا متعدد الأوجه. فقد عزز الثقل السياسي لمصر، ودعم توجهها نحو التصنيع المحلي والتصدير على الصعيد الاقتصادي، وطور قدراتها الدفاعية عسكريًا، وحقق مردودًا غير مباشر في دعم سياحة المؤتمرات وبناء الثقة على المستوى المجتمعي. ويؤكد نجاح هذه النسخة على تحول مصر إلى فاعل رئيسي ومحوري في صياغة مستقبل الأمن والدفاع الإقليمي والعالمي.
