د.نادي شلقامي
في ضربة أمنية نوعية تُعد من الأشد قسوة على بقايا تنظيم داعش، تمكنت الأجهزة الأمنية العراقية من الإيقاع بالإرهابي المعروف بـ«أبو علياء»، أحد أخطر العقول المتخصصة في تصنيع المتفجرات داخل التنظيم، والمسؤول المباشر عن تنفيذ والتخطيط لعشرات العمليات الإرهابية التي حوّلت العاصمة بغداد خلال سنوات سابقة إلى مسرح مفتوح للعنف والدمار.
و«أبو علياء» ليس مجرد عنصر ميداني، بل مهندس موت محترف بدأ نشاطه الإرهابي منذ عام 2004 ضمن تنظيم القاعدة، قبل أن يصبح لاحقًا أحد الأعمدة التقنية لتنظيم داعش، والمسؤول عن تطوير أساليب التفخيخ والعبوات الناسفة التي استهدفت المدنيين والقوات الأمنية على حد سواء.
التحقيقات الأولية كشفت أن المتهم كان العقل المدبر لتجهيز وربط العبوات الناسفة بالهواتف المحمولة، كما أشرف على إعداد وتسليم عشرات وربما مئات أجهزة التفجير لخلايا داعش النائمة، خاصة في العاصمة بغداد.
ولم يتوقف دوره عند التصنيع، بل قاد مفرزة إرهابية مكونة من خمسة عناصر تولت تنفيذ عمليات تفجير دقيقة، بينها تفجيرات مزدوجة صُممت خصيصًا لاستهداف فرق الإسعاف والأمن بعد الانفجار الأول، في تكتيك يعكس مستوى خطيرًا من الاحتراف الإجرامي.
بعد انهيار «دولة داعش» المزعومة عام 2017، اختفى «أبو علياء» عن الأنظار، وغادر العراق مستخدمًا هويات مزورة، ليستقر في إحدى دول الجوار، قبل أن يقرر العودة سرًا إلى البلاد، معتقدًا أن الزمن طوى ملفهk لكن الأجهزة الأمنية كانت له بالمرصاد.
وخضع الإرهابي لمتابعة استخباراتية استمرت أكثر من عشرة أشهر، انتهت بعملية دقيقة أفضت إلى اعتقاله دون اشتباك، في واحدة من أنجح العمليات الاستباقية خلال الفترة الأخيرة.
لا تنظر المؤسسات الأمنية إلى اعتقال «بو علياء» كإسقاط عنصر مطلوب فحسب، بل باعتباره تفكيكًا لجزء بالغ الحساسية من البنية التقنية لداعش، وضربة مباشرة لقدراته على إعادة إنتاج العنف عبر العبوات الناسفة.
