مقالات

جندي من حيث لا يحتسبون

بقلم- ياسمين إبراهيم 

في عالمٍ يظن فيه الطغاة أنهم أصحاب السطوة المطلقة، يرسل الله جنوده، لا يعلمهم إلا هو، ليعيدوا ترتيب المشهد، ويضعوا حداً لغطرسة المستبدين. جنود الله ليسوا فقط من البشر، بل من كل شيء خلقه، من الريح التي تُطفئ نار المعتدين، إلى الطير الذي يُسقط حجارة على رؤوس الظالمين، إلى الوحوش التي تنقضّ بلا تردد على من اعتدى.

في الأيام القليلة الماضية، حيث يظن الاحتلال أنه سيطر على كل شيء، جاءه ردٌ من حيث لا يحتسب. لم يكن صاروخًا ينطلق من قلب غزة، ولا حجراً يُقذَف من يد طفل ، بل كان من حيوان الوشق المصري، ذاك المقاتل الفطري الذي لم يركع في يومٍ لمخلوق ذلك الوحش الذي لا يعرف الخضوع

ذلك المفترس الصامت، لم ينتظر أمراً ولا تلقّى تدريباً، لكنه كان حيث أراده الله أن يكون. انقضّ على جنود الاحتلال على الحدود، كما لو أنه يعرف، كما لو أن شيئاً ما في فطرته قد صاح: هذا العدو دخيلٌ على الأرض.. ليس له مكانٌ بيننا.

لم يكن الوشق مسلحًا، ولم يكن بحجم دبٍ ضخم، لكنه كان يحمل في قلبه ما يكفي ليمزق أوهام القوة التي يتمسك بها المحتل. جندي واحد قد يهتز أمام بندقية، لكنه حين يجد أن حتى الوحوش البرية أصبحت ترى فيه عدوًا، يدرك أن الأرض نفسها قد لفظته، وأن لا موطئ له هنا

كم مرة ظن الطغاة أنهم امتلكوا الأرض، ثم جاءتهم الجيوش التي لم يتوقعوها؟

كم مرة اعتقد الجبابرة أنهم صاروا أسياد الزمان، ثم بعث الله عليهم ما جعلهم عبرةً لمن بعدهم؟

يوم حاول جيش أبرهة هدم الكعبة، أرسل الله عليهم طيراً صغيرًا يحمل حجارة من نار، فقضى عليهم جميعًا.

يوم طغى فرعون، لم يسقطه جيشٌ، بل سقط في البحر، تحت أمواجٍ أمرها الله أن تطبق عليه.

يوم استضعف المشركون النبي في الغار، أرسل الله عنكبوتًا وحمامتين ليحرسوه من الأعداء.

واليوم، حين يظن المحتل أنه قد أحكم سيطرته، يأتيه الوشق المصري ليقول له: إنك ضعيف.. ضعيفٌ أمام أصغر جنود الله.

أيها المحتل، حتى الحيوانات باتت تعرف أنك غريبٌ هنا. حتى وحوش البرية باتت ترى فيك خطرًا يجب أن يُزال. إن كنت تهاب بندقية، فماذا ستفعل حين تجد أن حتى الطبيعة قد أعلنت عليك الحرب؟

“وما يعلم جنود ربك إلا هو”— واليوم، كان الوشق أحدهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى