د.نادي شلقامي
اختتمت الدورة الثامنة من منتدى الشارقة للاستثمار 2025، الذي عُقد بالتزامن مع “مؤتمر الاستثمار العالمي”، أعمالها بتوصيات جوهرية رسمت خارطة طريق للمرحلة الاقتصادية المقبلة. حيث اتفق القادة والمسؤولون والخبراء المشاركون على أن المرحلة تتطلب توحيد معايير الإفصاح البيئي والاجتماعي والحوكمي (ESG) لتعزيز الشفافية والثقة في الأسواق. كما شددت التوصيات على أن توسيع الشراكات الإقليمية وتعزيز الاستثمار المستدام هما السبيل الآمن لمواجهة التحولات الاقتصادية العالمية، مؤكدين أن الركائز الأساسية للنظام الاقتصادي الدولي المستقبلي تقوم على المرونة والابتكار والاستدامة.
واستقطبت فعاليات المنتدى الذي انطلق بتنظيم من مكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر “استثمر في الشارقة” بالتعاون مع الرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار (وايبا) ووزارة الاستثمار في دولة الإمارات أكثر من 12 ألف مشارك من 142 دولة بحضور أكثر من 130 متحدثاً من الوزراء وقادة المؤسسات الدولية ناقشوا في أكثر من 160 جلسة و120 اجتماع أعمال التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية والمناخية ودور الاستثمار الأخضر والتمويل المستدام في بناء اقتصادات المستقبل.
وأجمع المشاركون في الحوارات حول دور التمويل العالمي في تعزيز الاستدامة على أن الشفافية في تمويل المشاريع هي الأساس لاستعادة ثقة المستثمرين، ودعوا إلى إلزام المؤسسات بالإفصاح الكامل عن استثماراتها وانبعاثاتها البيئية، كما شددوا على أهمية توحيد المعايير الدولية للإفصاح المالي والحوكمي لضمان المقارنة والموثوقية بين الأسواق، ودعا الخبراء إلى تطوير أدوات تمويل مبتكرة مثل “الصناديق التجريبية” و”الصكوك الخضراء” لجذب الاستثمارات نحو المشاريع المستدامة، مؤكدين أن الإصلاح المؤسسي الشامل والواعي هو المدخل لتحقيق تنمية اقتصادية طويلة الأمد.
وفي قراءات لملامح اقتصاد المستقبل وتعزيز المرونة في مواجهة المخاطر المحتملة، شدد القادة الحكوميون على أهمية الشراكات الإقليمية في مواجهة التحديات الاقتصادية، وأوضحوا أن المرونة وسرعة التكيف مع المتغيرات هما السبيل لبناء اقتصادات قادرة على الصمود، مشيرين إلى أن تجربة دولة الإمارات في توقيع 13 اتفاقية تجارة حرة شكلت نموذجاً في فتح أسواق جديدة أمام المستثمرين.
وشدد المتحدثون على أهمية تكامل سلاسل الإمداد في فتح أسواق جديدة وجذب الاستثمارات النوعية، وأوصوا بتعزيز مرونة الأنظمة وسرعة الإجراءات وتبنّي سياسات دخول وإقامة جاذبة للكفاءات مع توفير خدمة مستمرة للمستثمر من بدء المشروع حتى التوسّع.
وفي محور الاقتصاد الأخضر، أجمع المشاركون على أن الاقتصاد الأخضر هو نواة اقتصادات المستقبل، داعين إلى تفعيل الالتزامات البيئية وتحويلها إلى سياسات فاعلة حيث كشفوا عن تجارب ناجحة في سلطنة عُمان والبرازيل خلقت آلاف فرص العمل الخضراء، فيما أوضحوا أن البنية التحتية للطاقة النظيفة تمثل التحدي الأكبر أمام الاستثمارات المستدامة، داعين إلى تسهيل الإجراءات وتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة في الدول النامية.
وفي تأكيد على دور المجتمعات في تعزيز ركائز الاقتصاد الأخضر والأعمال الملتزمة بقضايا الاستدامة العالمية، أشار المشاركون إلى أن سلوك المستهلكين يمثل عاملاً حاسماً في نجاح الاقتصاد الأخضر، موضحين أن 60% من الشباب مستعدون لدفع كلفة إضافية مقابل منتجات صديقة للبيئة.
وفي محور التكنولوجيا، أكد مديرو شركات كبرى أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة ساهمت في خفض الانبعاثات ورفع كفاءة العمليات الصناعية، وأشار المتحدثون في هذا المحور إلى أن الإمارات أصبحت مركزاً عالمياً للطاقة والاستدامة بفضل إستراتيجيتها القائمة على الابتكار والتوازن بين النمو والبيئة.
وأجمع المتحدثون على أن الاستثمار في الإنسان والمعرفة والتكنولوجيا هو العامل الأهم في بناء اقتصادات مرنة ومجتمعات قادرة على التكيف مع التحولات العالمية.
وفي حديثهم حول تجربة الشارقة ودور “منتدى الشارقة للاستثمار” و”مؤتمر الاستثمار العالمي”، أجمع المشاركون على أن الإمارة رسّخت موقعها كمنصة عالمية للحوار الاقتصادي تجمع بين الخبرة الدولية والرؤية التنموية لدولة الإمارات وتشكل نقطة التقاء بين رأس المال والابتكار والإنسان.
وأكد المشاركون أن مخرجات المنتدى تسهم في صياغة أجندة الاستثمار العالمي للسنوات المقبلة من خلال ما طرحه من توصيات عملية تدعم الاستدامة والشراكات العادلة والتمويل الأخضر والحوكمة الشفافة بما يضمن نمواً متوازناً وشاملاً للاقتصاد العالمي.
