الرئيس السيسي والإعلام: رؤية جديدة لإعادة التوازن الإعلامي والدرامي في مصر

د/حمدان محمد
جاءت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة خلال إفطار الأسرة المصرية، لتسلط الضوء مجددًا على ملف الإعلام والدراما، وهو ملف شائك طالما أثار الجدل في الأوساط السياسية والثقافية المصرية. كان تكريم الرئيس للفنان سامح حسين وإشادته ببرنامجه اليوتيوبي بمثابة رسالة واضحة للقائمين على الإعلام والدراما في مصر، مفادها أن النجاح الحقيقي ليس بالضرورة مرتبطًا بالإمكانات الضخمة والموازنات الباهظة، وإنما بالمحتوى الهادف والتأثير الفعلي في المجتمع.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يوجه فيها الرئيس السيسي انتقادات للإعلام، حيث سبق أن أبدى تحفظاته على توجهات الإعلام المصري أكثر من مرة، مشددًا على أهمية دوره في تشكيل وعي المواطنين والحفاظ على الهوية الوطنية. هذه الانتقادات ليست جديدة، فقد طُرحت القضية مرارًا منذ سنوات، وكان البعض، ومنهم النائب السابق والإعلامي محمد الشهاوي، من أوائل من دقوا ناقوس الخطر حول تراجع الإعلام المصري وتأثير ذلك على الأمن القومي.
وقد أثارت هذه الانتقادات تساؤلات عدة حول مدى قدرة الإعلام الحالي على مواكبة التحديات الوطنية والدولية، خاصة مع تصاعد تأثير وسائل الإعلام البديلة، مثل منصات التواصل الاجتماعي والقنوات الأجنبية الناطقة بالعربية، التي أصبحت تستقطب قطاعًا واسعًا من الجمهور المصري.
ولطالما كان الإعلام والدراما انعكاسًا للواقع المجتمعي، لكن السنوات الأخيرة شهدت موجة من الانتقادات للأعمال الدرامية، بسبب ما تحمله من مشاهد عنف، وبلطجة، ولغة سوقية. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يتجه الكتاب والمنتجون لهذه النوعية من الأعمال؟
ولكن الإجابة تكمن في عدة عوامل، منها طبيعة الجمهور وسلوكيات بعض النخب التي يتم تصديرها للمجتمع، سواء برعاية رسمية أو غير رسمية. ومع تراجع الثقافة العامة وضعف الوعي، فيصبح من الطبيعي أن تنجذب الجماهير إلى الأعمال التي تعكس واقعها بطريقة حادة، حتى وإن كانت سلبية.
ولكن التغييرات الأخيرة في المشهد الإعلامي، وما تلاها من تصريحات لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، تشير إلى أن هناك “ثورة تصحيح” يقودها الرئيس بنفسه، ليس فقط على المستوى الإعلامي، ولكن أيضًا في المسار السياسي الداخلي، في محاولة للحفاظ على تماسك المجتمع ومواجهة التحديات القادمة.
ولكن إصلاح الإعلام لا يمكن أن يتم من خلال ماسبيرو وحده، أو عبر قرارات فوقية، بل يحتاج إلى مشروع تنموي متكامل تشارك فيه جميع الوزارات والمؤسسات، على أن يكون للإعلام دور رئيسي في الترويج له ودعمه.
وكانت هذه الرسالة الأهم في تصريحات الرئيس، والتي يمكن استخلاصها من تكريمه للفنان سامح حسين، هي أن النجاح الإعلامي لا يقاس بحجم الإنفاق أو عدد المشاهدات فقط، بل بمدى تأثير المحتوى وقيمته الفكرية والاجتماعية. وهنا يبرز السؤال الأهم لرئيس الوزراء: “لماذا؟ وكيف ؟نجح قطايف فيما فشل فيه الآخرون؟”. الإجابة على هذا السؤال ربما تكون المفتاح الحقيقي لإصلاح الإعلام المصري وإعادته إلى مساره الصحيح.
شكراً فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي