د. إيمان بشير ابوكبدة 

تعتبر القهوة جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لمليارات البشر حول العالم، فمن فنجان الصباح المنعش إلى جلسات العمل والنقاشات الاجتماعية، تُعد القهوة رفيقًا دائمًا. لكن هل تعلم أن حبوب البن، التي تُصنع منها هذه القهوة، تُعد ثاني أكثر السلع تداولاً في العالم بعد النفط الخام؟ هذه الحقيقة تكشف عن مدى الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه السلعة الزراعية البسيطة.

أصبحت حبوب البن الآن ثاني أكثر المواد الخام تداولًا في العالم، بعد النفط الخام، بمبيعات تتجاوز 55 مليار دولار سنويًا. ومع شعبيتها الواسعة كثاني مشروب مفضل عالميًا بعد الماء، وتأثيرها المميز على من يشربها.

البن: سلعة تتجاوز قيمتها فنجان القهوة

بينما يهيمن النفط الخام على التجارة العالمية بفضل اعتماده كمصدر أساسي للطاقة والصناعة، يأتي البن في المرتبة الثانية مباشرة. هذا التصنيف ليس صدفة، بل هو نتيجة لعوامل متعددة:

الاستهلاك العالمي الضخم: تقدر كمية الاستهلاك العالمي للقهوة بمليارات الأكواب يوميًا، مما يخلق طلبًا مستمرًا وكبيرًا على حبوب البن. هذا الطلب المستمر يضمن بقاء البن سلعة حيوية في السوق العالمية.

شبكة التجارة المعقدة: تبدأ رحلة حبوب البن من مزارع صغيرة في دول مثل البرازيل، فيتنام، كولومبيا، وإثيوبيا، لتمر عبر شبكة معقدة من التجار، المصدرين، شركات التحميص، والمقاهي العالمية. هذه السلسلة اللوجستية الضخمة تُساهم في خلق قيمة اقتصادية هائلة.

التأثير على الاقتصاديات المحلية: بالنسبة للعديد من الدول النامية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، تُشكل زراعة وتصدير البن مصدرًا رئيسيًا للدخل القومي، وتوفر ملايين فرص العمل. لذا، فإن أي تقلبات في أسعار البن العالمية تؤثر بشكل مباشر على استقرار هذه الاقتصادات.

التحديات التي تواجه صناعة البن

على الرغم من أهميته، تواجه صناعة البن تحديات كبيرة تهدد استدامتها. يُعد تغير المناخ أحد أبرز هذه التحديات، حيث يؤثر على مواسم الحصاد وجودة المحاصيل، مما قد يؤدي إلى نقص في الإمدادات وارتفاع في الأسعار. كما أن تقلبات الأسعار العالمية تُشكل خطرًا على المزارعين الصغار الذين لا يملكون القدرة على تحمل الخسائر.

بالإضافة إلى ذلك، هناك قضايا اجتماعية تتعلق بظروف عمل المزارعين، والحاجة إلى دعمهم وتحسين أوضاعهم المعيشية لضمان استمرارية إنتاج هذه السلعة الثمينة.