باريس _ أماني إمام
في أمسية موسيقية استثنائية، شهد قصر فرساي العريق في العاصمة الفرنسية باريس، يوم الجمعة 5 سبتمبر 2025، تألق الأوركسترا والكورال الوطني السعودي إلى جانب أوركسترا دار الأوبرا الملكية الفرنسية، وذلك ضمن جولة روائع الأوركسترا السعودية. الحفل الذي أقيم برعاية وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، حضرته السيدة الفرنسية الأولى بريجيت ماكرون، ووزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي ممثلةً للرئيس إيمانويل ماكرون، إضافة إلى حضور شخصيات بارزة من البلدين، من بينهم الأمير تركي بن فيصل آل سعود، والأميرة هيفاء بنت عبدالعزيز آل مقرن، والدكتور ماجد القصبي وزير التجارة، إلى جانب نخبة من رموز الثقافة والفن والإعلام.
مزيج موسيقي بين الشرق والغرب
الأمسية جمعت بين روح الموسيقى السعودية وعراقة التراث الأوروبي، حيث امتزجت الألحان المستوحاة من الموروث السعودي مع المقطوعات الفرنسية في أجواء احتفالية راقية داخل أحد أبرز معالم التاريخ العالمي. وقدمت الأوركسترا لوحة موسيقية متكاملة عكست التوازن بين الأصالة والابتكار، لتضع الهوية الموسيقية السعودية في إطار عالمي متجدد.
مشاركة فنية مميزة
شارك في الحفل عدد من الفنانين السعوديين، من أبرزهم السوبرانو ريماز العقبي التي أدت مقطوعة أوبرالية باللغة الفرنسية بقيادة المايسترو هاني فرحات. كما قدمت أوركسترا دار الأوبرا الملكية الفرنسية أعمالًا كلاسيكية تماشياً مع روح قصر فرساي، قبل أن يجتمع العزف السعودي والفرنسي في فقرات مشتركة مبتكرة، أبرزها إعادة توزيع أغنية الشانزليزيه بأسلوب يمزج بين المقامات الشرقية والأنغام الغربية.
برنامج متنوع يدمج التراث والحداثة
افتُتحت الأمسية بأغنية هلا بالطيب الغالي للفنان محمد عبده، تلتها لوحات تراثية سعودية أعيد تقديمها بأسلوب أوركسترالي مثل الخبيتي والمجرور والرفيحي والخطوة. كما قدّمت الأوركسترا ميدلي من الأغاني السعودية الحديثة بصياغة عالمية، إضافة إلى مشهد “ماش أب” لافت جمع بين أغنية Dernière Danse للنجمة الفرنسية إنديلا وليه يا دنيا للراحل طلال مداح، في مزج موسيقي جسّد العاطفة الشرقية بروح غربية حديثة. وشمل البرنامج أيضًا إعادة إحياء مقطوعات فرنسية خالدة مثل Les Champs-Élysées ومقدمة كارمن برؤية عصرية.
تعاون ثقافي سعودي – فرنسي
على هامش الحفل، عقد وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان اجتماعًا مع وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، شهد توقيع برنامج تنفيذي للتعاون الثقافي بين وزارة الثقافة السعودية ومؤسسة “القصر الكبير” الفرنسية. وشمل البرنامج مجالات متعددة أبرزها: الموسيقى، السينما، المسرح، الفنون البصرية، التراث، والأزياء. كما أُعلن عن تفعيل برنامج مشترك بين هيئة الأفلام السعودية والمركز الوطني الفرنسي للسينما (CNC) لدعم التعليم في صناعة الأفلام.
آفاق موسيقية جديدة
وفي إطار تطوير المشهد الموسيقي في المملكة، وقعت هيئة الموسيقى السعودية اتفاق تعاون مع فيلهارموني باريس، استمرارًا لمذكرة التفاهم الموقعة بين وزارتي الثقافة في البلدين عام 2021، بما يعزز فرص تبادل الخبرات وتوسيع نطاق العروض العالمية.
فصل جديد في الحضور الدولي
يمثل هذا الحفل محطة بارزة في مسيرة الأوركسترا السعودية بعد أول مشاركة لها في باريس عام 2022 على مسرح “الشاتليه”. ومع هذا الظهور في قصر فرساي، تواصل المملكة تعزيز حضورها الفني عالميًا، مؤكدة قدرتها على بناء جسور ثقافية بين الشرق والغرب من خلال لغة الموسيقى العالمية.
