جبر الخواطر في ضوء القرآن والسنه..وأمثلة نبوية لجبر الخواطر

د.نادي شلقامي 

جبر الخواطر هو من أهم الصفات التي يتمتع بها الإنسان المؤمن، وهو من الأخلاق العالية التي دعا إليها الإسلام، فقد حثنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم والسنة النبوية على الاهتمام بالآخرين ومواساتهم في حزنهم.

جبر الخواطر من القرآن الكريم

لقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على جبر الخواطر، ومن أبرزها:

 1- قوله تعالى: “وَلَا تَيۡأَسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ لَا يَيۡأَسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ” [يوسف: 87]، فهذه الآية تدعو إلى الأمل وعدم اليأس، وتُشجع المسلم على المواساة، وأن يكون مصدرًا للأمل لمن حوله.

 2- قوله تعالى: “إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٌۭ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ” [الحجرات: 10]، فهذه الآية تدعو إلى الأُلفة والتسامح بين المسلمين، وإصلاح ذات البين، وهذا من أعظم أنواع جبر الخواطر.

 3- قوله تعالى: “فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ. وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ” [الضحى: 9-10]، فهذه الآية دعوة صريحة للرأفة باليتيم والضعيف والمحتاج، وعدم إيذائهم أو جرح مشاعرهم، وهذا من أسمى معاني جبر الخواطر.

جبر الخواطر من السنة النبوية

كان النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في جبر الخواطر، وقد وردت في السنة النبوية العديد من الأمثلة على ذلك، ومنها:

 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه” [متفق عليه]، فهذا من جبر الخواطر، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينتقد الطعام الذي يُقدم له، وهذا يُشعر صاحبه بالراحة والقبول.

 2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أجد في قلبي ما أجد من الهم والغم، فقال لها: لا تحزني، فإن الله معك”، فهذا الموقف يُظهر مدى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بمشاعر الآخرين ومواساته لهم.

 3- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه، سأل عنه، فإن كان مريضًا عاده، وإن كان غائبًا دعا له، وإن كان مسافرًا زار أهله” [صحيح البخاري]، وهذا يُظهر اهتمامه بأصحابه، وتفقده لأحوالهم، وهذا من جبر الخواطر.

أمثلة نبوية في جبر الخواطر

كان النبي صلى الله عليه وسلم مثالًا في جبر الخواطر، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

 1- مواساته للصحابي الذي مات ابنه: عندما توفي ابن أبي سلمة رضي الله عنه، جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليعزيه ويواسيه، وقال له: “إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى” [متفق عليه]، فكانت هذه الكلمات بلسمًا على قلبه، وجبرًا لخاطره.

 2- مداعبته للطفل أبي عمير: كان لأبي عمير طائر صغير يُسمى “نُغير” يلعب به، فمات الطائر، فحزن أبو عمير كثيرًا، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له مداعبًا: “يا أبا عمير، ما فعل النُغير؟” [صحيح البخاري]، فكانت هذه المداعبة جبرًا لخاطر الطفل، ووسيلة لإدخال السرور على قلبه.

 3- قبوله اعتذار من أساء إليه: عندما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعتذر عن خطأ ارتكبه في حقه، قبِل النبي صلى الله عليه وسلم اعتذاره، وقال له: “قد عفوت عنك”، فكان هذا الموقف جبرًا لخاطره، وشعورًا بالرحمة والمغفرة.

وفي الختام، فإن جبر الخواطر هو من أعظم الأعمال التي يُمكن للإنسان أن يقوم بها، وهو من أقرب الطرق إلى الله سبحانه وتعالى، وهو سلوك يدل على طيب القلب وسلامته.

Related Posts

السعادة الزوجية [4]

بقلم/ سمرفاروق صور من تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته : 1- يسابق عائشة مداعبة لها، كما جاء في الحديث : ( هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ ) سنن أبي…

السعادة الزوجية [3]

كتبت /سمر فاروق أسباب تحصيل الحياة الزوجية السعيدة : 1- حرص الزوجين على العمل الصالح، قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *