بقلم : جمال حشاد
قبل اختراع التصوير الفوتوغرافي، كان توثيق المشاهد يعتمد على الرسم اليدوي، مما جعل الاحتفاظ بلحظة معينة بدقة أمرًا صعبًا. في أوائل القرن التاسع عشر، بدأ العلماء والباحثون في أوروبا البحث عن وسيلة تسمح “بكتابة الضوء” على سطح مادي، وهو ما يُعرف اليوم بكلمة فوتوغرافيا (Photography).
يُنسَب شرف التقاط أول صورة فوتوغرافية في التاريخ إلى المخترع الفرنسي جوزيف نيسيفور نيبس (Joseph Nicéphore Niépce). كان نيبس مهتمًا بالكيمياء والعدسات الضوئية، وبدأ في تجاربه منذ عام 1816 مستخدمًا كاميرا بدائية ومواد كيميائية حساسة للضوء.
في عام 1826 نجح نيبس في إنتاج أول صورة فوتوغرافية دائمة عُرفت باسم “منظر من نافذتي في لو غرا” (View from the Window at Le Gras).
استعمل نيبس لوحًا معدنيًا من القصدير مغطى بمادة البيتومين (Bitumen of Judea)، وهي مادة تتصلب عند تعرضها للضوء.
وضع اللوح داخل كاميرا مظلمة لمدة حوالي 8 ساعات من التعريض للشمس حتى تُسجل تفاصيل المشهد.
بعد ذلك غسل اللوح بمذيب خاص فأظهرت العملية صورة ثابتة لمشهد أسطح المباني والأشجار المحيطة بمنزله.
تمثل هذه الصورة نقطة التحول الكبرى في تاريخ التصوير والفنون، لأنها:
1. أرست الأساس العلمي للتصوير الفوتوغرافي الذي نعرفه اليوم.
2. ألهمت مخترعين آخرين مثل لويس داغير، الذي طور لاحقًا تقنية الـ”داجيروتايب” عام 1839، فانتشر التصوير تجاريًا.
3. غيرت طريقة توثيق التاريخ والأحداث، إذ أصبح بالإمكان حفظ اللحظات كما هي دون تدخل رسام.
أول صورة فوتوغرافية في العالم لم تكن مجرد تجربة علمية، بل كانت ثورة غيّرت نظرتنا للعالم وللذكريات. ومن تلك اللحظة في نافذة نيبس بفرنسا انطلق فن التصوير ليصبح لغة عالمية تحفظ التاريخ وتوثّق حياتنا حتى يومنا هذا.