كتب: جمال حشاد
الجندى المصرى كان وما زال رمزاً للفداء والعطاء عبر التاريخ، فهو حامى الوطن ودرعه المتين، وصاحب العقيدة الراسخة التي تضع “الوطن أولاً” فوق كل اعتبار. على مر العصور، أثبت المقاتل المصرى أنه لا يعرف المستحيل، وأنه قادر على مواجهة التحديات مهما بلغت صعوبتها.
منذ فجر التاريخ، سطر الجنود المصريون بطولات خالدة، بدءاً من جيوش الفراعنة الذين حموا حدود مصر ووسعوا حضارتها، مروراً ببطولاتهم ضد الغزاة والمستعمرين، وصولاً إلى العصر الحديث حيث جسّد الجندى المصرى أعظم صور التضحية فى حروب الاستنزاف وأكتوبر 1973، حين استعاد لمصر وللأمة العربية كرامتها.
قوة الجندى المصرى لا تكمن فقط فى سلاحه، بل فى عقيدته وإيمانه الراسخ بالله وبحق وطنه. فهو مدرك أن رسالته لا تقتصر على حماية الأرض والحدود، بل تمتد إلى حماية الشعب وصون مقدراته، والمساهمة فى التنمية وقت السلم بقدر ما يضحى فى ميادين القتال وقت الحرب.
ولعل ما يميز الجندى المصرى هو ارتباطه العميق بأرضه، فهو ابن الفلاح والعامل، يحمل قلباً نقياً وإرادة صلبة، ويعرف جيداً معنى التضحية. لذلك ظل عبر الأزمنة حصناً للأمة، يواجه العدو بشجاعة، ويزرع الأمان فى قلوب المصريين.
إن رسالة الجندى المصرى رسالة شرف ووفاء، عنوانها “إما النصر أو الشهادة”، وهى رسالة تبعث الطمأنينة فى نفوس الشعب بأن هناك من يسهر على أمنه، ويضحى بالغالى والنفيس كى يظل الوطن عزيزاً شامخاً.
الجندى المصرى ليس مجرد مقاتل، بل هو بطل يحمل بين ضلوعه تاريخ أمة وأمانة وطن، وقوة لا تلين، ورسالة خالدة ستظل تُروى للأجيال جيلاً بعد جيل.
وهناك العديد من النماذج التى تدل على بسالة الجندى المصرى :
1- معركة مجدو (1457 ق.م): قادها الملك تحتمس الثالث، وشارك فيها الجنود المصريون القدماء ضد التحالف الكنعانى. أظهر الجندى المصرى فى تلك المعركة شجاعة وتنظيماً عسكرياً فاق عصره، حتى اعتبرها المؤرخون أول معركة تُسجل تفاصيلها كاملة فى التاريخ.
2- معركة عين جالوت (1260م): شارك فيها المصريون ضمن جيش المماليك بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس، وهزموا المغول الذين لم يُهزموا من قبل. كان للجنود المصريين دور بارز فى تغيير مجرى التاريخ وإنقاذ الأمة الإسلامية من الغزو المغولى.
3- حرب الاستنزاف (1967-1970م): بعد نكسة 1967، لم يستسلم الجندى المصرى بل بدأ حرب استنزاف ضد العدو الإسرائيلى، أظهر خلالها صموداً وبطولات لا تُحصى، منها عملية لسان التمساح ومعركة رأس العش، والتى أكدت أن المقاتل المصرى لا يعرف الهزيمة.
4- حرب أكتوبر 1973م: تجلت أروع صور البطولة عندما عبر الجنود المصريون قناة السويس وحطموا خط بارليف المنيع. مشاهد اقتحام القناة ورفع العلم المصرى على الضفة الشرقية ستظل من أعظم أمثلة البسالة فى التاريخ الحديث.
5- مكافحة الإرهاب فى سيناء: ففى السنوات الأخيرة، واصل الجندى المصرى رسالته فى حماية الوطن بمواجهة الجماعات الإرهابية فى سيناء. وقدّم أروع صور التضحية حين تصدى لمحاولات استهداف المدنيين والجيش والشرطة، ليظل الوطن آمناً مستقراً.
هذه النماذج تُظهر أن بسالة الجندى المصرى ليست موقفاً عابراً، بل عقيدة راسخة منذ آلاف السنين.