عادل النمر
أعلن فريق من أطباء الأعصاب، من بينهم الدكتور جاي جاجاناثان، وهو طبيب أعصاب أمريكي، عن اختبار دم بسيط قد يُحدث نقلة نوعية في تشخيص أمراض الدماغ التنكسية، إذ يتيح اكتشاف الخلل العصبي قبل سنوات من ظهور الأعراض الأولى.
يعتمد هذا الاختبار على قياس مستويات بروتين يُعرف باسم سلسلة الخيوط العصبية الخفيفة (NfL)، وهو بروتين يُفرز في الدم عند حدوث تلف أو تدهور في الخلايا العصبية. وتشير الدراسات إلى أن ارتفاع مستوياته قد يكون إشارة مبكرة على خطر الإصابة باضطرابات عصبية خطيرة، مثل الزهايمر، وباركنسون، والتصلب المتعدد، والسكتات الدماغية، وحتى الإصابات الدماغية الرضية.
في الحالة الطبيعية، لا تُفرز الخلايا العصبية سوى كميات ضئيلة من هذا البروتين، لكن عند حدوث تنكس عصبي أو تلف بالخلايا ترتفع مستوياته بشكل ملحوظ، ليصبح بمثابة “جرس إنذار صامت” يمكن رصده من خلال تحليل دم بسيط، دون الحاجة إلى إجراءات معقدة مثل أخذ عينات من السائل الدماغي الشوكي.
ويؤكد الدكتور جاجاناثان أن ما يميز هذا الاختبار هو قدرته على التنبؤ المبكر، موضحًا أن الشخص قد يبدو في صحة جيدة من الخارج بينما تكون الخلايا العصبية قد بدأت بالفعل في التدهور. وأضاف أن الكشف المبكر يتيح التدخل العلاجي أو الوقائي قبل أن تتفاقم الحالة وتظهر الأعراض بشكل واضح.
كما يشير الخبراء إلى أن ارتفاع مستويات بروتين NfL لا يدل على مرض محدد بعينه، لكنه يمثل مؤشرًا عامًا على وجود نشاط عصبي غير طبيعي، مما يستدعي إجراء فحوصات إضافية. ويساعد هذا الفحص أيضًا الأطباء في متابعة تطور الحالات العصبية المزمنة، وتقييم فعالية العلاجات، وتحسين دقة التشخيص عند دمجه مع تقنيات أخرى مثل التصوير بالرنين المغناطيسي.
ويعتبر الأطباء هذا الاكتشاف ثورة في مجال الطب العصبي، ومن المتوقع أن يصبح الاختبار جزءًا من الفحوصات الطبية الدورية، خصوصًا لدى كبار السن أو من لديهم تاريخ عائلي مع أمراض الدماغ التنكسية.
ويخلص الخبراء إلى أن اختبار NfL لا يقتصر على التنبؤ فحسب، بل يفتح آفاقًا جديدة لوضع خطط علاجية أكثر فاعلية، ويمنح صورة أدق عن صحة الدماغ قبل فوات الأوان.