كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
مع كل موسم شتاء، يعود الحديث عن لقاح الإنفلونزا الموسمية ليثير موجة من التساؤلات والجدل. فبينما يرى البعض فيه خط الدفاع الأول والأكثر فاعلية ضد مضاعفات المرض، يتخوف آخرون من الشائعات المتداولة، وعلى رأسها الخرافة القائلة بأن اللقاح نفسه قد يسبب الإصابة بالإنفلونزا. تهدف هذه المقالة إلى وضع حد لهذا اللبس وتزويد القارئ بالمعلومات الدقيقة والمدعومة علمياً. سنغوص في أعماق أبرز الخرافات الشائعة المحيطة باللقاح، ونقدم الحقائق الثابتة التي تؤكد مأمونيته وضرورته، خاصة للفئات الأكثر عرضة للخطر. لنكتشف معاً متى وكيف يعمل اللقاح، ولماذا يُعدّ التلقيح السنوي خطوة حاسمة للحفاظ على الصحة العامة والفردية.
أبرز الخرافات والحقائق حول لقاح الإنفلونزا
الخرافة: الانتظار حتى الشتاء للحصول على لقاح الإنفلونزا هو أكثر أمانًا
الحقيقة: مع أن ذروة موسم التنفس تكون بين ديسمبر وفبراير، إلا أنه من الممكن الإصابة بالمرض في وقت مبكر كأكتوبر. يعتقد البعض أن التطعيم المتأخر سيحميهم لفترة أطول، وهذا ببساطة غير صحيح. هذا أيضًا يجعلك معرضًا لأسابيع أو أشهر بينما يبقى الفيروس منتشرًا.
كما أن لقاح الإنفلونزا السنوي يساعد جسمك على بناء مناعة ضد أنواع فيروسات الإنفلونزا التي تشير الأبحاث إلى أنها ستكون الأكثر شيوعًا في ذلك الموسم. لكن المناعة لا تُبنى بمجرد تلقي اللقاح.
الخرافة: لقاح الإنفلونزا يسبب الإصابة بالمرض.
الحقيقة: هذا غير صحيح بالمطلق. لقاح الإنفلونزا المُعطى عن طريق الحقن يحتوي على فيروسات ميتة (غير نشطة) لا يمكنها أن تسبب لك الإنفلونزا. إذا شعرت بأعراض خفيفة بعد التطعيم، مثل ألم بسيط في الذراع مكان الحقن، أو حمى خفيفة، فهذا يعد رد فعل طبيعي للجهاز المناعي وهو دليل على أن جسمك يبني الأجسام المضادة الواقية. هذه الأعراض عادةً ما تكون خفيفة جداً وتزول خلال يوم أو يومين، وهي أقل بكثير من أعراض الإصابة الفعلية بالإنفلونزا.
الخرافة: لست بحاجة للقاح لأنني أخذته العام الماضي أو أصبت بالإنفلونزا مؤخراً.
الحقيقة: يجب الحصول على اللقاح سنوياً. وذلك لسببين رئيسيين:
تغيير الفيروس: تتغير سلالات فيروس الإنفلونزا باستمرار. يقوم الخبراء بتطوير لقاح جديد كل عام ليتناسب مع السلالات المتوقع انتشارها في ذلك الموسم.
تلاشي المناعة: الحماية المناعية التي يوفرها اللقاح تتناقص بمرور الوقت، لذلك فإن أخذ اللقاح كل خريف أو بداية الشتاء هو أفضل طريقة لضمان استمرار الحماية.
الخرافة: الإنفلونزا مرض بسيط، واللقاح غير ضروري للأصحاء.
الحقيقة: الإنفلونزا ليست مجرد “نزلة برد قوية”. يمكن أن تسبب مضاعفات خطيرة تؤدي إلى دخول المستشفى أو حتى الوفاة، حتى لدى الأشخاص الأصحاء. واللقاح لا يحمي فقط متلقيه، بل يساهم أيضاً في حماية الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع (مثل كبار السن والأطفال والذين يعانون من ضعف المناعة) من خلال تقليل انتشار الفيروس.
الخرافة: لقاح الإنفلونزا غير آمن وله آثار جانبية خطيرة.
الحقيقة: لقاح الإنفلونزا آمن للغاية. يتم استخدامه منذ عقود وخضع لاختبارات دقيقة. الآثار الجانبية الخطيرة أو ردود الفعل التحسسية
الشديدة نادرة جداً. اللقاح هو الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية من الإنفلونزا ومضاعفاتها الخطيرة.
الخرافة: المرأة الحامل يجب ألا تأخذ اللقاح.
الحقيقة: النساء الحوامل يجب أن يأخذن لقاح الإنفلونزا (المُعطَّل) في أي مرحلة من مراحل الحمل. اللقاح آمن للحامل وضروري؛ لأنه يقلل من خطر إصابتها بمضاعفات الإنفلونزا، كما أن الأجسام المضادة تنتقل إلى الجنين وتوفر حماية للطفل خلال الأشهر الستة الأولى من حياته، وهي الفترة التي لا يمكن فيها تطعيم الرضع.