د. نادي شلقامي
بينما تشتعل نيران الحرب، يزحف شبح آخر أشد فتكًا ليخنق السودان: الجوع! لم تعد الأزمة الإنسانية مجرد أرقام، بل أصبحت أكبر كارثة جوع على مستوى العالم تتشكل الآن تحت سماء هذا البلد المنكوب. ومع انتشار الكوليرا القاتل كالريح في الهشيم، ترتفع صيحات التحذير: نصف مليون نازح في شمال دارفور وحده يترقبون مصيراً مجهولاً على حافة العدوى. وفي قلب الفاجعة، في الفاشر ومخيم «أبوشوك»، لم يعد الجوع والمرض يفرّقان بين صغير وكبير؛ فـ عشرات الأطفال تحت سن الخامسة لقوا حتفهم خلال أسابيع قليلة، وكأنهم ضحايا مزدوجون لحرب لا ترحم وإهمال لا يغتفر. هذا هو المشهد الكابوسي الذي يرسمه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، مشهد يطرح سؤالاً واحداً مُلحاً: هل يتحرك العالم قبل أن يبتلع هذا الوباء المزدوج السودان بالكامل؟
وذكر مكتب «أوتشا»، أن نقص التمويل وارتفاع تكاليف التشغيل تسبّبا في الإغلاق القسري للمطابخ المجتمعية، الأمر الذي حال دون حصول آلاف الأشخاص على وجبات يومية.
ودعت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، دنيس براون، إلى رفع الحصار عن الفاشر ووضع حد للهجمات العشوائية وإصدار أوامر واضحة لمنع العنف الجنسي والهجمات ذات الدوافع القبلية.
وتم تسجيل 212 حالة إصابة جديدة بالكوليرا في إقليم دارفور، فيما ارتفع العدد الكلي للوفيات إلى قرابة الـ600 حالة. أعلنت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين، تسجيل 212 حالة إصابة جديدة و12 حالة وفاة بالكوليرا في دارفور- غربي السودان، ليرتفع إجمالي الحالات منذ تفشي المرض إلى 13426 حالة، منها 569 وفاة.
ووسط هذه التطورات تحدثت مصادر سودانية عن إمكانية عودة الجيش والدعم السريع لطاولة المفاوضات في جدة من أجل الاتفاق على الهدنة الإنسانية، وأشارت مصادر إلى أن اتفاق الهدنة الإنسانية من شأنه أن يمهد الطريق أمام الوقف الدائم لإطلاق النار وانطلاق العملية السياسية التي تقودها القوى المدنية من أجل استئناف الانتقال، ووضع البلاد في طريق التحول الديمقراطي.
