كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
قد يبدو العسل حلوًا وطبيعيًا، لكنه بالنسبة لطفلك الرضيع الذي لم يتجاوز عامه الأول، هو خطر صحي خفي، وليس مُحلّيًا. توصي إرشادات طب الأطفال عالميًا بتجنب تقديم العسل تمامًا للرضع دون سن 12 شهرًا. السبب الأساسي لهذا التحذير الشديد هو خطر الإصابة بمرض نادر ولكنه مهدد للحياة يسمى تسمم الرضع.
الخطر الأكبر: تسمم الرضع
تسمم الرضع هو مرض عصبي خطير تسببه بكتيريا تسمى “كلوستريديوم بوتولينوم”. إليك كيف يتسلل الخطر من العسل:
ناقل الجراثيم: قد يحتوي العسل، حتى النقي منه، على أبواغ هذه البكتيريا.
هشاشة الأمعاء: بالنسبة للبالغين والأطفال الأكبر سنًا، فإن الجهاز الهضمي الناضج يمكنه بسهولة القضاء على هذه الأبواغ قبل أن تسبب أي ضرر.
الأمعاء النامية: أما عند الرضع تحت سن 12 شهرًا، فإن الأمعاء لا تزال في طور النمو وتفتقر إلى البكتيريا الواقية الكافية. هذا يسمح للأبواغ بالتكاثر وإنتاج سموم قوية.
التهديد العصبي: تهاجم هذه السموم الجهاز العصبي للطفل، مما يؤدي إلى ضعف العضلات وصعوبة التنفس، وهو ما يتطلب علاجًا عاجلاً ودخول المستشفى.
علامات تحذيرية يجب الانتباه لها
بما أن الأمر يتعلق بالسلامة، من الضروري أن تكون على دراية بأعراض تسمم الرضع. اطلب المساعدة الطبية فورًا إذا لاحظت هذه العلامات بعد أي اشتباه في تناول العسل:
الإمساك: غالبًا ما يكون العرض الأول والأكثر شيوعًا.
ضعف المص وسوء التغذية.
نعاس مفرط أو خمول.
بكاء ضعيف أو تعابير وجه منخفضة (كالجفون المتدلية).
صعوبات التنفس في الحالات المتقدمة.
أسباب إضافية لتجنب العسل
حتى لو لم يكن هناك خطر التسمم، لا يُنصح بالعسل للأطفال الرضع لأسباب تتعلق بالتغذية والصحة على المدى الطويل:
الجهاز الهضمي غير جاهز
الجهاز الهضمي للرضيع لا يزال حساسًا وغير ناضج ولا يستطيع التعامل مع الجراثيم البكتيرية الموجودة في العسل. حتى كمية صغيرة جدًا على ملعقة أو لهاية قد تكون كافية لإحداث الضرر. الأمان يتحقق فقط عندما يصبح عمر الطفل سنة، حيث يتطور جهازه الهضمي ويصبح أقوى بكثير.
لا فائدة غذائية أساسية
لا يُقدم العسل أي قيمة غذائية لا يستطيع الطفل الحصول عليها بأمان من مصادر أخرى.
يتكون العسل بشكل أساسي من السكريات الطبيعية (الفركتوز والجلوكوز).
يحتوى فقط على كميات ضئيلة من الفيتامينات والمعادن، وهي متاحة بسهولة أكبر وأمان من حليب الأم أو الحليب الصناعي، ثم لاحقًا من الفواكه والخضروات المهروسة.
خطر التعرض المبكر للسكر
إن تقديم العسل يُعرِّض الطفل لسكريات غير ضرورية في مرحلة مبكرة جدًا، مما قد يؤدي إلى عواقب سلبية على المدى الطويل:
تسوس الأسنان: يزيد التعرض المبكر للسكر من خطر تسوس الأسنان بمجرد ظهورها.
عادات الأكل غير الصحية: قد يؤدي التعرض المبكر للحلاوة المفرطة إلى تفضيل الأطعمة السكرية في وقت لاحق، مما يعرقل تطوير عادات أكل صحية.
متى يمكنهم تناوله بأمان؟
النصيحة القاطعة لأطباء الأطفال هي: قدم العسل فقط بعد بلوغ الطفل عامًا واحدًا (12 شهرًا).
في هذا العمر، يكون الجهاز الهضمي للطفل ناضجًا وقادرًا على معالجة الجراثيم المحتملة دون خطر. بعد العام، يمكن للعسل أن يكون محليًا طبيعيًا أو يستخدم لتهدئة التهاب الحلق باعتدال.
بدائل آمنة
تجنبًا للعادات التقليدية غير الآمنة، استبدل العسل بالخيارات الآمنة والكاملة التغذية التالية:
للأشهر الستة الأولى: حليب الأم أو الحليب الصناعي هما الغذاء الكامل والوحيد.بعد ستة أشهر: الأطعمة الصلبة المناسبة للعمر مثل الفواكه والخضروات والحبوب المهروسة هي أفضل طريقة لتقديم النكهة والتغذية.
لتهدئة السعال أو البرد: استشر طبيب الأطفال دائمًا بدلاً من استخدام العلاجات المنزلية.
