نجده محمد رضا
في عالم يموج بالصراعات والنزاعات، تبرز منظمة اليونسكو كصوت للعقل والمعرفة، وكمؤسسة أممية تُعلي من شأن الثقافة والتعليم والعلم كوسائل لتحقيق السلام الدائم.
تُعرف اليونسكو رسميًا باسم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO)، وهي إحدى الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وتُعد من أبرز المؤسسات الدولية التي تعمل على تعزيز التعاون بين الشعوب من خلال التعليم والثقافة والعلوم والاتصال.
النشأة والتأسيس
تأسست منظمة اليونسكو في 16 نوفمبر عام 1945 عقب الحرب العالمية الثانية، وكان الهدف منها هو منع تكرار ويلات الحروب عبر نشر الوعي الثقافي والتعليمي بين الشعوب.
اتخذت المنظمة من باريس عاصمة فرنسا مقرًا رئيسيًا لها، وبدأت عملها الفعلي في عام 1946 بمشاركة 20 دولة فقط، أما اليوم فهي تضم أكثر من 190 دولة عضوًا من مختلف قارات العالم.
أهداف اليونسكو
تتمحور أهداف اليونسكو حول فكرة مركزية وهي
“بناء السلام في عقول الرجال والنساء”وتترجم هذه الرسالة من خلال مجموعة من الأهداف الأساسية، أبرزها
نشر التعليم للجميع ومكافحة الأمية.
الحفاظ على التراث الثقافي والإنساني في العالم.
تعزيز حرية التعبير وحرية الصحافة.
تشجيع البحث العلمي والتطور التقني.
تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من خلال التعليم.
تعزيز الحوار بين الثقافات واحترام التنوع الثقافي واللغوي.
التراث العالمي بصمة اليونسكو الخالدة
من أشهر برامج المنظمة، قائمة التراث العالمي، التي تضم المواقع ذات القيمة الثقافية أو الطبيعية الفريدة في العالم.
وتُعَدّ مصر من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث سُجِّل فيها عدد من المواقع ضمن التراث العالمي، منها
أهرامات الجيزة وممفيس
معبد أبو سمبل
وادي الحيتان
مدينة طيبة القديمة (الأقصر)
هذا البرنامج يُعتبر من أهم مبادرات اليونسكو لحماية التراث الإنساني من الاندثار أو التخريب.
التعليم سلاح التنمية
تولي اليونسكو اهتمامًا بالغًا بالتعليم، إذ تعتبره حجر الأساس للتنمية البشرية والاجتماعية.
أطلقت المنظمة مبادرات كبرى مثل
التعليم للجميع (Education for All)
اليوم الدولي لمحو الأمية (8 سبتمبر)
اليوم العالمي للمعلمين (5 أكتوبر)
كما تعمل على دعم الدول النامية في تطوير المناهج وتحسين جودة التعليم ومحو الأمية الرقمية في ظل الثورة التكنولوجية الحديثة.
السلام عبر الثقافة
تركز اليونسكو أيضًا على الثقافة كوسيلة لبناء السلام. فهي تنظم مهرجانات وندوات وحوارات بين الثقافات والأديان، وتدعم الفنون والموسيقى كأدوات للتقارب بين الشعوب.
وقد لعبت دورًا مهمًا في إعادة إعمار المواقع الأثرية المدمرة في مناطق النزاع مثل سوريا والعراق.
تظل اليونسكو واحدة من أهم رموز التعاون الدولي في القرن الحديث، لأنها لا تكتفي بحماية التراث أو دعم التعليم، بل تسعى لتأسيس عالم أكثر وعيًا وعدلًا وإنسانية.
فبينما يُشيّد البعض الجدران، تبني اليونسكو جسورًا بين الشعوب، لتبقى رسالتها خالدة
“السلام يبدأ من عقول البشر.”
