د.نادي شلقامي
أغرقت موجة من الحزن العميق مدينة هونغ كونغ، التي أعلنت الحداد الرسمي لثلاثة أيام، تكريماً لأرواح 128 شخصاً قضوا في حريق مروّع بمجمع سكني. وبينما تنكّس المدينة صمتاً أعلامها، تسلّط هذه المأساة الضوء مجدداً على المخاطر الكامنة في إحدى أكثر مدن العالم اكتظاظاً، حيث تبلغ الكثافة السكانية مستويات قياسية تتجاوز 7100 نسمة لكل كيلومتر مربع، ما يجعل ظروف النجاة من الكوارث أكثر صعوبة في الأحياء الحضرية المتشابكة.
بدأت هونغ كونغ حدادا رسميا السبت يدوم ثلاثة أيام، بعد الحريق المهول الذي اندلع في مجمع سكني وخلف ما لا يقل عن 128 قتيلا وعشرات المفقودين.
ووقف الرئيس التنفيذي للمدينة جون لي ووزراء وعشرات من كبار المسؤولين ثلاث دقائق صمت عند الساعة الثامنة صباحا (00,00 ت غ) أمام المباني الحكومية، بعد تنكيس أعلام الصين وهونغ كونغ.
“أرواحكم في السماء الفرحة دائما حية”
وفي ساعة مبكرة من صباح السبت، شاهد مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية أشخاصا يضعون الزهور أمام برج وانغ فوك كورت المتفحم الذي ظلت النيران مشتعلة فيه لأكثر من 40 ساعة. كما علقت لافتة في المكان كتب عليها “نرجو أن تبقى أرواحكم في السماء الفرحة دائما حية”.
من جهتها، قالت الحكومة إنه تم إنشاء نقاط تعزية في جميع أنحاء هونغ كونغ.
إلى ذلك، وبعد يومين من الحريق الذي أتى على الأبراج السكنية، واصلت عائلات المفقودين البحث عن أقاربهم في المستشفيات، في الوقت الذي انتهت فيه جهود مكافحة النيران صباح الجمعة.
وكشفت لجنة مكافحة الفساد في هونغ كونغ مساء الجمعة عن توقيف ثمانية أشخاص للاشتباه بضلوعهم في وقائع فساد في أعمال ترميم ما مجموعه 2000 مسكن تم تشييدها في 1983 في حي تاي بو بشمال هونغ كونغ.
وأوضحت اللجنة في بيان أن الموقوفين هم سبعة رجال وامرأة تراوح أعمارهم بين 40 و63 عاما، لافتة إلى أن الرجال هم مسؤولان في مكتب دراسات كلف أعمال الترميم ومشرفان على الورش وثلاثة مقاولين من الباطن ووسيط.
أسوأ حريق منذ العام 1948
وقال قائد جهاز الأمن كريس تانغ للصحافيين إنّ حصيلة القتلى ارتفعت إلى 128 شخصا، 89 لم يتم التعرف إلى هوياتهم بعد، بالإضافة إلى أكثر من مئة مفقود و79 جريحا. وأكد أن التحقيق لتحديد أسباب أسوأ حريق تشهده هونغ كونغ منذ العام 1948 لا يزال جاريا، وقد يستغرق ثلاثة أو أربعة أسابيع.
كما أوضح أنّ النتائج الأولية للتحقيق تشير إلى أنّ الحريق الذي بدأ في الأجزاء السفلية من شبكة مصممة للحماية من الغبار والأجسام المتساقطة، سهّلت انتشاره. واستخدام الخيزران في السقالات ومواد قابلة للاشتعال مثل ألواح الرغوة (الفوم) لحماية النوافذ ممارسة شائعة في هونغ كونغ.
ومن جانبه، أكد رئيس جهاز الإطفاء في هونغ كونغ أندي يونغ وجود خلل في أنظمة السلامة. وأفاد الصحافيين بأن فريقا من الاختصاصيين أُرسِل إلى المباني إثر ورود إفادات عديدة بأن جرس الإنذار من الحريق لم ينطلق.
وأضاف: “تبين لنا أن أنظمة الإنذار في المباني الثمانية لم تكن تعمل بشكل صحيح”، مؤكدا بذلك روايات شهود كثر.
وقد أحدثت الكارثة موجة صدمة في مختلف أنحاء المدينة التابعة للصين، مما سلّط الضوء على مدى ضعفها امام المخاطر.
