كتب : جمال حشاد
شهدت منظومة التعليم في مصر خلال السنوات الأخيرة محاولات جادة للتطوير والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة، ومن أبرز هذه المحاولات إنشاء المدارس اليابانية في مصر.
وتُعد هذه المدارس نموذجًا تعليميًا مميزًا يجمع بين المناهج المصرية وفلسفة التعليم اليابانية، خاصة ما يُعرف بأنشطة التوكاتسو (Tokkatsu)، التي تهدف إلى بناء شخصية الطالب وتنمية القيم والسلوكيات الإيجابية، وليس الاكتفاء بالتحصيل الدراسي فقط.
تعتمد المدارس اليابانية على ترسيخ مبادئ الانضباط، والعمل الجماعي، وتحمل المسؤولية، واحترام الوقت والنظام. فالطالب لا يتعلم داخل الفصل فحسب، بل يشارك في تنظيف مدرسته، وتنظيم أنشطته اليومية، والعمل بروح الفريق مع زملائه. هذا الأسلوب يُسهم في إعداد جيل قادر على الاعتماد على نفسه، واحترام الآخرين، والتفاعل الإيجابي مع المجتمع، وهي قيم تمثل أساس النهضة في التجربة اليابانية.
كما تسهم هذه المدارس في تغيير النظرة التقليدية للتعليم القائم على الحفظ والتلقين، حيث تركز على تنمية المهارات الحياتية، مثل التفكير النقدي، وحل المشكلات، والقيادة، والتواصل. ويأتي ذلك في إطار رؤية الدولة لبناء الإنسان المصري، والارتقاء بجودة التعليم ليواكب متطلبات العصر وسوق العمل المحلي والعالمي.
ورغم التحديات التي تواجه تجربة المدارس اليابانية، مثل الحاجة إلى تدريب المعلمين بشكل مستمر، وتوعية أولياء الأمور بطبيعة هذا النظام المختلف، فإنها تظل خطوة مهمة على الطريق السليم نحو إصلاح التعليم. فنجاح هذه التجربة وتوسيع نطاقها يمكن أن يسهم في إحداث نقلة نوعية في التعليم المصري، وبناء أجيال أكثر وعيًا وانضباطًا وقدرة على المشاركة الفعالة في تنمية الوطن.
