الصحة والجمال

أعضاء يستطيع جسمك العيش بدونها

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة 

جسم الإنسان نظام بيولوجي معقد، ولا يمكنه العمل بدون بعض الأعضاء الحيوية كالدماغ والقلب والرئتين. ولكن ليست جميع الأعضاء أساسية؛ بل يمكن إزالة بعضها مع بعض المضاعفات أو العيوب البسيطة. أحيانًا تكون هذه الأعضاء بقايا أثرية من أسلافنا، تطورت لتصبح عديمة الفائدة أو قليلة الاستخدام اليوم. بعض الأعضاء القابلة للاستبدال توفر بعض الفوائد، ولكن لا يزال من الممكن إزالتها أو استبدالها دون التسبب في أي ضرر. إليكم خمسة أعضاء يستطيع جسم الإنسان العيش بدونها.

الزائدة

الزائدة الدودية كيس صغير وضيق يتدلى من الجهاز الهضمي في الجانب الأيمن من البطن، حيث يتورم العضو وقد ينفجر، مطلقًا سمومًا في جميع أنحاء الجسم. عند ظهور أولى علامات التهاب الزائدة الدودية، من الشائع استئصالها، وهو إجراء يخلف ندبة صغيرة، ولكنه عادةً ما يكون تأثيره على الجسم ضئيلًا.

تشير بعض النظريات الحديثة إلى أن الزائدة الدودية تعمل كمضيف للبكتيريا النافعة، الضرورية لسلامة الأمعاء. إذا كان هذا صحيحًا، فهذا يعني أن هذه الزائدة الدودية قادرة على تجديد خلايا القولون عند انخفاض أعداد البكتيريا النافعة فيه. وهناك نظرية أخرى مفادها أن الزائدة الدودية قد يكون لها تأثير سلبي على المناعة، إذ تعتبر عامل خطر محتمل للإصابة بالتهاب القولون التقرحي، وهو مرض التهابي في الأمعاء. وبينما لا يزال العلماء يدرسون وظيفة الزائدة الدودية، ما نعرفه هو أنه يمكنك عيش حياة صحية تمامًا بدونها.

الطحال

يعد الطحال جزءًا مهمًا من الجهاز المناعي للجسم، ولكن في حال استئصاله، يمكن لأعضاء أخرى أن تساهم في أداء وظائفه. يقع الطحال، الذي يُقارب حجم قبضة اليد، في الجزء العلوي الأيسر من البطن خلف الضلوع اليسرى. يعمل الطحال بجد للحفاظ على صحة الجسم، لاحتوائه على خلايا الدم البيضاء التي تستخدم لمكافحة العدوى. كما يساعد الطحال على التحكم في مستويات أنواع خلايا الدم المختلفة في الجسم، ويرشح الدم لإزالة خلايا الدم القديمة والتالفة. 

إذا تمزق الطحال – على سبيل المثال، بسبب صدمة قوية في البطن – فمن المرجح أن تحتاج إلى استئصاله. بالإضافة إلى ذلك، قد يبدأ الطحال المتضخم بتصفية خلايا الدم السليمة عن طريق الخطأ، مما قد يسبب مشاكل مناعية خطيرة مثل فقر الدم. لحسن الحظ، يمكن استئصال الطحال غالبًا بجراحة غير جراحية تُسمى استئصال الطحال بالمنظار، وهي جراحة بسيطة نسبيًا لا تتطلب أي جروح كبيرة. بمجرد استئصال الطحال، يتولى الكبد ملء الفراغ، حيث يمكنه أيضًا إدارة وتصفية خلايا الدم.

اللحمية

اللحميات الأنفية هي كتل نسيجية تقع خلف الأنف وفوق سقف الحلق. تؤدي هذه الأعضاء الصغيرة وظيفةً أساسيةً لدى الأطفال، إذ تحبس البكتيريا الضارة التي لولاها لكانت قد ابتلعت وتسببت في المرض. ولكن مع تقدمنا في السن، تقل أهمية هذه اللحميات وتصبح أثريةً تمامًا عند بلوغنا سن الرشد: فهي تتقلص، وقد تختفي حتى في سن الثالثة عشرة.

من عيوب اللحمية الأنفية أنها قد تصاب بالالتهاب والتورم، مما قد يتطور إلى حالة مزمنة لدى البعض. قد يعيق هذا التنفس السليم، ويسبب مشاكل في الجيوب الأنفية، بل ويساهم في تفاقم حالات انقطاع النفس النومي والشخير المرتفع. في هذه الحالة، يمكنك إزالتها باستئصال اللحمية الأنفية، وهي جراحة بسيطة نسبيًا يتعافى منها الناس عادةً في غضون أيام أو أسابيع. 

قد يكون هذا الإجراء بديهيًا في مرحلة البلوغ، حيث تصبح اللحمية الأنفية غير مفيدة. ولكن حتى الأطفال يستفيدون من إزالة اللحمية الأنفية، إذ يمكن أن تؤدي إلى تنفس أنقى وتقليل التهابات الجيوب الأنفية. اللحمية الأنفية جزء صغير جدًا من الجهاز المناعي، وللجسم طرق أخرى عديدة للوقاية من الأمراض.

المرارة

المرارة عضو كمثري الشكل يقع أسفل الكبد. وظيفتها الأساسية هي تخزين العصارة الصفراوية وإطلاقها عند الحاجة، وهي سائل هضمي يُنتجه الكبد ويساعد على تكسير الأطعمة الدهنية. بعد تناول الطعام، تُصرّف العصارة الصفراوية من المرارة وتنقل إلى الأمعاء الدقيقة عبر القناة الصفراوية. بمجرد وصولها إلى الأمعاء الدقيقة، تساعد العصارة الصفراوية على تكسير أي دهون مستهلكة. تؤدي هذه العملية إلى تفريغ المرارة، إلا أنها ستمتلئ بالعصارة الصفراوية مرة أخرى مع استمرار الكبد في إنتاج المزيد منها.

للأسف، المرارة عرضة للعديد من الأمراض، مثل تكون حصوات المرارة، وهي أجسام تشبه الحصى، وقد تسبب الألم والالتهاب. كما يصاب البعض بانسداد داخل المرارة، وفي حالات نادرة، قد يصابون بسرطان المرارة. عند الحاجة، يمكن الخضوع لجراحة استئصال المرارة. 

بدون المرارة، تتخطى الصفراء عملية التخزين وتتدفق مباشرةً من الكبد إلى الجهاز الهضمي. العيب الرئيسي المحتمل هو صعوبة هضم الدهون، لذلك ينصح الأشخاص الذين لا يعانون من المرارة عمومًا بتجنب الأطعمة الدهنية.

القولون

القولون أنبوب طويل يقع في نهاية القناة الهضمية، وهو جزء من الأمعاء الغليظة. وظيفته هي استقبال الطعام المهضوم من الأمعاء، وامتصاص العناصر الغذائية والماء، وأخيرًا تمرير الفضلات المتبقية إلى المستقيم. على الرغم من هذه الوظائف المهمة، من الممكن تمامًا العيش بشكل طبيعي بدون القولون. تسمى عملية الاستئصال هذه استئصال القولون، وتجرى عادةً لعلاج أمراض قائمة مثل السرطان أو للوقاية من أمراض مستقبلية محتملة.

لا يتعافى الجسم من استئصال القولون فورًا، إذ يتطلب عادةً اتباع نظام غذائي يعتمد على السوائل فقط لعدة أسابيع قبل العودة إلى تناول الأطعمة الصلبة. والخبر السار هو أن من خضعوا لاستئصال القولون أفادوا بتحسن في جودة حياتهم بعد ذلك. 

كجزء من عملية استئصال القولون، قد يربط الجراح الأمعاء الدقيقة مباشرةً بفتحة الشرج، مما يسمح للمريض بإخراج الفضلات بشكل طبيعي. وهناك خيار آخر يتمثل في توصيل الأمعاء بفتحة في البطن، حيث يمكن تركيب كيس فغر القولون المؤقت أو الدائم لجمع الفضلات. مع أن هذا الخيار الأخير قد يستغرق بعض الوقت للتعود عليه، إلا أن من خضعوا لاستئصال القولون يستطيعون التأقلم وعيش حياة صحية حتى بدون القولون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى