
د. إيمان بشير ابوكبدة
في اكتشافٍ علميٍّ فريدٍ من نوعه، عثر فريق من علماء الأحياء في معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا في الولايات المتحدة على أصغر نملةٍ معروفةٍ من جنس باسيسيروس (Basiceros) محفوظةً بشكلٍ مثاليٍّ داخل قطعةٍ من الكهرمان الدومينيكيّ. هذه النملة، التي يقدَّر عمرها بـ16 مليون سنة، أُطلق عليها اسم “باسيسيروس إنانا” (Basiceros enana) ووفَّرت للعلماء معلوماتٍ جديدةً ومهمةً غيَّرت الكثير من التصورات السابقة حول تاريخ وتطور هذا النوع من الحشرات.
نملٌ متخفٍّ وتاريخٌ معقَّدٌ
يُعرف نمل “باسيسيروس” بقدرته الفائقة على التمويه. فهو يستخدم شعيراتٍ خاصةً على جسمه لتغطية نفسه بجزيئاتٍ من التربة أو فضلات الأوراق، مما يجعله غير مرئيٍّ تقريبًا لكلٍّ من الحيوانات المفترسة وفريسته.
أشار فيل باردن، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن هذا الاكتشاف أثبت أن نمل “باسيسيروس” كان موجودًا في منطقة الكاريبي خلال عصر الميوسين، وهو ما يختلف عن الاعتقاد السائد سابقًا بأنه كان يعيش فقط في الغابات الاستوائية من كوستاريكا إلى جنوب البرازيل. وأضاف أن هذه الحفريَّة تُعتبر الأولى من نوعها التي تُكتشف في منطقة الكاريبي، مما يُظهر أن تاريخ انتشار وتطور الأنواع قد يكون أكثر تعقيدًا مما نتصوره.
مفاجأةٌ في الحجم والتطور
كشف فحص الحفرية، الذي تم باستخدام تقنيات التصوير المجهري وإعادة البناء ثلاثي الأبعاد، عن مفاجأةٍ أخرى؛ فالنملة المكتشفة هي نملةٌ عاملةٌ بالغةٌ يبلغ طولها 5.13 ملم فقط، أي أنها أصغر بحوالي النصف من أقاربها الذين يعيشون في العصر الحديث. هذا الاكتشاف يناقض الفرضية التي كانت تقول إن أسلاف هذا النمل كانت أكبر حجمًا، ويدلّ على أن هذا النوع شهد زيادةً في الحجم على مدار الـ20 مليون سنة الماضية، وليس العكس.
يعتقد الباحثون أن اختفاء نمل “باسيسيروس” من منطقة الكاريبي قد يكون مرتبطًا بالتغيرات البيئية أو فقدان الموائل أو المنافسة مع أنواع أخرى. كما أشار التقرير المنشور في مجلة Proceedings of the Royal Society إلى احتمال وجود جسورٍ بريّةٍ في الماضي سمحت لهذا النمل بالوصول إلى المنطقة.