د.نادي شلقامي
وسط الخراب الهائل الذي خلفته الدمار في قطاع غزة، تبرز مهمة استثنائية تتجاوز نطاق البحث التقليدي. فريق مصري متخصص يخوض تحديًا لوجستيًا وإنسانيًا وسياسيًا بالغ التعقيد: النبش عن جثامين رهائن مفقودين طمرتهم الأنقاض. وما يجعل هذه المهمة غير مألوفة هو الاعتماد على أداة متقدمة وغير تقليدية في هذا الميدان القاسي: تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. فبينما تتحدث الآليات التقليدية بلغة العجز، تدخل هذه التقنية الحديثة لتوفر بصيص أمل وتفتح آفاقًا جديدة في أصعب ظروف الكارثة الإنسانية.
الهيئة القومية للذكاء الاصطناعي.. العقل التحليلي للمهمة
مصدر داخل الهيئة القومية للذكاء الاصطناعي في مصر كشف لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الهيئة وفرت دعما تقنيا يشمل خوارزميات تحليل الصور الملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية والطائرات المسيرة، هذه البرمجيات قادرة على تحديد ما يسمى “نقاط الاشتباه الحيوي” وهي أماكن قد تحتوي على جثامين بناء على تحليل شكل الانهيار وارتفاع التكدس ونوعية مواد البناء.
ويضيف المصدر أن الفريق الميداني يحصل على خرائط رقمية محدثة تُظهر مناطق الأولوية بالألوان، مما يقلل الهدر في الوقت والموارد ويرفع معدلات الدقة
خبير مصري.. حين تتلاقى التجربة والتكنولوجيا
وفي تصريحات صحفية خاصة، أوضح المهندس أحمد صبري، خبير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أن الذكاء الاصطناعي بات حاضرا في جميع مجالات الحياة، ومن أبرزها قطاع الإنقاذ، الذي يشهد طفرة حقيقية في توظيف هذه التقنيات.
وقال إن الأنظمة الذكية يمكنها تحليل صور المباني المدمرة لتحديد نقطة الانفجار داخل الهيكل، ما يساعد في التنبؤ بالمواقع المحتملة للجثامين، واختيار الطريقة الأسرع والأكثر أمانا للحفر والبحث تحت الأنقاض.
وأضاف صبري أن تحديد أماكن الضحايا يتم أيضا عبر تحليل الإحداثيات أو آخر المواقع المعروفة للأشخاص قبل انهيار المبنى فوقهم، من خلال تصوير جوي دقيق يسمح للذكاء الاصطناعي ببناء نموذج ثلاثي الأبعاد يتنبأ بالمواقع المرجحة لوجود الجثث.
وأشار إلى أن استخدام الروبوتات والطائرات المسيرة (الدرونز) يمثل عنصرا حاسما في هذه العمليات، إذ تمتلكان تقنيات متقدمة تمكّنهما من التوغل في المباني المدمرة والوصول إلى أماكن يصعب على الإنسان بلوغها، ووصف الروبوتات بأنها تتحرك داخل الأنقاض “كأنها فأر ذكي”، تمتلك القدرة على استشعار الأجسام البشرية والتفاعل مع البيئة المحيطة بمرونة عالية.
واختتم صبري حديثه موضحا أن هذه التكنولوجيا لا تقتصر على تحليل الصور فحسب، بل تتطور مع كل عملية بحث جديدة، حيث تتعلم الخوارزميات من البيانات الميدانية لتصبح أكثر دقة في التنبؤ بمواقع الضحايا بمرور الوقت، وهو ما يجعلها أداة إنقاذ تتطور مع التجربة والخطر معا.
تقنية مصرية متطورة بـ “الذكاء الاصطناعي” في مهمة البحث عن المفقودين تحت ركام غزة
737
