الجبال الجليدية في جزيرة هيرد أعمدة الجليد العائمة في المحيط الجنوبي

نجده محمد رضا
في قلب المحيط الجنوبي، وتحديدًا في المياه الباردة المحيطة بجزيرة “هيرد” الإقليم الأسترالي النائي الواقع بين أستراليا والقارة القطبية الجنوبية تتجلى واحدة من أعظم الظواهر الطبيعية روعةً وغموضًا الجبال الجليدية.
مشهد جليدي يخطف الأنفاس في جزيرة هيرد، المعروفة بطبيعتها البركانية النشطة وموقعها المعزول، تحيط بها مئات الجبال الجليدية التي تنفصل عن الأنهار الجليدية المحيطة بالقارة القطبية الجنوبية، وتنجرف ببطء في التيارات الجنوبية الباردة. هذه الجبال، التي قد تمتد عشرات الكيلومترات، تتخذ أشكالًا وأحجامًا متنوعة، وتعد مصدر إلهام للعلماء والمصورين والباحثين في علوم المناخ.
الجبال الجليدية المحيطة بجزيرة هيرد ليست مجرد كتل من الجليد، بل هي أرشيف طبيعي يسجل تاريخ الأرض المناخي يحلل العلماء تركيبها الكيميائي والغازات المحبوسة داخلها لمعرفة كيف تغير المناخ عبر آلاف السنين. كما تسهم في إثراء النظام البيئي البحري، حيث تطلق المغذيات عند ذوبانها، مما يدعم نمو العوالق النباتية، الأساس الغذائي للكائنات البحرية.
رغم جمالها، تمثل الجبال الجليدية تحديًا للملاحة البحرية، خاصة في الظروف الجوية القاسية والمياه المضطربة. كما تثير هذه الظاهرة القلق بشأن تسارع ذوبان الجليد بسبب تغير المناخ، مما قد يهدد توازن النظم البيئية ويؤثر على مستويات البحار عالميًا.
الجبال الجليدية في جزيرة هيرد تظل شاهدًا حيًا على قوة الطبيعة وجمالها، كما تشكل نقطة التقاء بين العلم والبيئة والمغامرة. وبينما تذوب ببطء في المحيط البارد، تبقى رسائلها المناخية تُقرأ بدقة، في سباقٍ مع الزمن لفهم حاضر كوكبنا والتنبؤ بمستقبله.