كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
تعد حبوب تحت الجلد، أو ما تعرف بالبثور العمياء، من المشكلات الجلدية الشائعة والمزعجة، حيث تظهر على شكل كتل صلبة ومؤلمة تحت سطح الجلد، دون رأس ظاهر كالحبوب التقليدية. وتختلف شدتها ومواقع ظهورها، مما يتطلب فهم أسبابها وطرق علاجها الفعالة للوصول إلى بشرة صحية ونضرة.
أسباب ظهور حبوب تحت الجلد
تتعدد العوامل التي تساهم في ظهور حبوب تحت الجلد، ومن أبرزها
انسداد المسام: هذا هو السبب الرئيسي. تفرز الغدد الدهنية في الجلد مادة زيتية تسمى الزهم. عندما تنسد مسام الجلد بفعل تراكم الزهم، خلايا الجلد الميتة، الأوساخ، أو البكتيريا، يتجمع الزهم تحت سطح الجلد مكونًا حبة داخلية.
التغيرات الهرمونية: تلعب الهرمونات دورًا كبيرًا في إفراز الزهم. فالتغيرات الهرمونية خلال فترة البلوغ، الدورة الشهرية، الحمل، أو حتى التوتر، تزيد من إفراز الزهم، مما يجعل البشرة أكثر عرضة لظهور الحبوب تحت الجلد.
البكتيريا: عند انسداد المسام، تتكاثر البكتيريا الموجودة بشكل طبيعي على الجلد داخل المسام المسدودة، مما يؤدي إلى حدوث التهاب وتورم، وتفاقم الحبة تحت الجلد.
التهاب بصيلات الشعر (التهاب الجريبات): تلتهب بصيلات الشعر في أي جزء من الجسم نتيجة الاحتكاك، التعرق المفرط، أو إزالة الشعر بطرق غير صحيحة، مما يؤدي إلى ظهور حبوب تحت الجلد.
العوامل الوراثية: قد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة لظهور حبوب تحت الجلد بسبب عوامل وراثية تتحكم في طبيعة بشرتهم وإفراز الزهم.
استخدام منتجات خاطئة: مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة التي تسد المسام (غير لا-زؤانية) أو التي تحتوى على زيوت ثقيلة يمكن أن تساهم في ظهور هذه الحبوب. عدم إزالة المكياج بشكل صحيح قبل النوم أيضًا يزيد من الخطر.
الضغط والتوتر: يؤثر الضغط العصبي والتوتر على مستويات الهرمونات في الجسم، مما يمكن أن يزيد من احتمالية ظهور حبوب تحت الجلد.
العرق المفرط: قد يمتص الجلد الأتربة مع العرق المفرط، مما يسد المسام ويؤدي إلى ظهور الحبوب.
بعض الأدوية: بعض الأدوية مثل الليثيوم، التستوستيرون، أو الستيرويدات القشرية يمكن أن تسبب ظهور حبوب تحت الجلد كأثر جانبي.
التهاب الغدد العرقية القيحي: حالة مزمنة تتسبب في ظهور كتل مؤلمة تحت الجلد، خاصة في مناطق الاحتكاك.
الحساسية التلامسية: قد تظهر الحبوب تحت الجلد نتيجة رد فعل تحسسي تجاه بعض المواد مثل أنواع معينة من الصابون، المنظفات، أو منتجات العناية الشخصية.
طرق علاج حبوب تحت الجلد
يعتمد علاج حبوب تحت الجلد على شدة الحالة وموقعها. يمكن البدء بالعلاجات المنزلية وفي حال عدم التحسن أو تفاقم الحالة، يجب استشارة الطبيب المختص.
العلاجات المنزلية
الكمادات الدافئة: تساعد الكمادات الدافئة على فتح المسام وتخفيف الألم وتسريع خروج الزهم أو القيح إلى سطح الجلد. توضع الكمادة الدافئة على المنطقة المصابة لمدة 10-15 دقيقة عدة مرات في اليوم.
زيت شجرة الشاي: يمتاز بخصائصه المضادة للبكتيريا والالتهابات. يستخدم مخففًا بزيت ناقل (مثل زيت الزيتون) على المنطقة المصابة.
العسل: يعرف بخصائصه المضادة للبكتيريا والالتهابات. يمكن وضع قليل من العسل على الحبة وتركها لبعض الوقت قبل غسلها.
الثلج: يستخدم لتخفيف الاحمرار والتورم والألم، خاصة في بداية ظهور الحبة.
عدم العبث بالحبة: من الضروري جدًا تجنب الضغط على الحبة أو محاولة تفريغها، حيث يؤدي ذلك إلى تفاقم الالتهاب، ترك ندبات، أو انتشار العدوى.
العلاجات الموضعية (بدون وصفة طبية)
حمض الساليسيليك: يعمل على تقشير الطبقة السطحية من الجلد وفتح المسام، مما يساعد على التخلص من الزهم المتراكم والبكتيريا.
البنزويل بيروكسايد: يقتل البكتيريا المسببة لحب الشباب ويساعد على تقليل إفراز الزهم.
الكبريت: يمتلك خصائص مضادة للبكتيريا والالتهابات، ويساعد على تجفيف الحبوب.
العلاجات الطبية (بوصفة طبية)
في الحالات الأكثر شدة أو عندما لا تستجيب الحبوب للعلاجات المنزلية والموضعية، قد يصف الطبيب:
الريتينويدات الموضعية: مشتقات فيتامين أ تساعد على تجديد خلايا الجلد ومنع انسداد المسام.
المضادات الحيوية الموضعية أو الفموية: تُستخدم لمكافحة العدوى البكتيرية وتقليل الالتهاب.
حبوب منع الحمل: في بعض الحالات، وخاصة عند النساء، قد تكون التغيرات الهرمونية هي السبب، ويمكن أن تساعد حبوب منع الحمل على تنظيم الهرمونات وتقليل ظهور الحبوب.
الإيزوتريتينوين (الروكتان): يستخدم في الحالات الشديدة والمستعصية من حب الشباب، وهو دواء قوي يتطلب إشرافًا طبيًا دقيقًا نظرًا لآثاره الجانبية المحتملة.
حقن الكورتيزون: في الحالات الشديدة من الحبوب الكيسية المؤلمة، يمكن للطبيب حقن جرعة صغيرة من الكورتيزون مباشرة في الحبة لتخفيف الالتهاب وتسريع الشفاء.
الإجراءات الطبية: مثل التقشير الكيميائي أو العلاج بالليزر، قد تُستخدم في بعض الحالات لتعزيز العلاج أو لعلاج آثار الحبوب.
الوقاية من حبوب تحت الجلد
الوقاية خير من العلاج. يمكن اتباع النصائح التالية لتقليل احتمالية ظهور حبوب تحت الجلد:
تنظيف البشرة بانتظام: غسل الوجه مرتين يوميًا بغسول لطيف خالٍ من الكحول والزيوت، لإزالة الزهم الزائد، العرق، والأوساخ.
عدم لمس الوجه: تجنب لمس الوجه باليدين لمنع انتقال البكتيريا.
اختيار المنتجات المناسبة: استخدام مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة غير الزؤانية والخالية من الزيوت.
إزالة المكياج: الحرص على إزالة المكياج بالكامل قبل النوم.
تغيير أغطية الوسائد بانتظام: لمنع تراكم البكتيريا والزيوت.
الاستحمام بعد التعرق: خاصة بعد ممارسة الرياضة، لتجنب انسداد المسام بالعرق والأوساخ.
الحفاظ على نظام غذائي صحي: بعض الأبحاث تشير إلى أن تناول بعض الأطعمة مثل منتجات الألبان والشوكولاتة قد يؤثر على حب الشباب لدى بعض الأشخاص.
التحكم في التوتر: ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل اليوجا أو التأمل يمكن أن تساعد في تقليل التوتر.
متى يجب زيارة الطبيب؟
ينصح بزيارة طبيب الأمراض الجلدية في الحالات التالية:
عدم استجابة الحبوب للعلاجات المنزلية أو الموضعية المتاحة بدون وصفة طبية.
تفاقم الحالة وانتشار الحبوب بشكل كبير أو ظهورها في مناطق واسعة من الجسم.
الشعور بألم شديد أو التهاب واحمرار ملحوظ في الحبوب.
ظهور كتل كبيرة، صلبة، ومؤلمة تحت الجلد (العقيدات أو الخراجات الكيسية).
ظهور ندوب أو بقع داكنة بعد زوال الحبوب.
إذا كانت الحبوب تؤثر بشكل كبير على نوعية حياتك أو حالتك النفسية.
