٣٠ يونيو : حديث وطن لا ينتهى وإرادة شعب لا تلين

كتب : جمال حشاد
مع حلول كل عام، يعود شهر يونيو ليحمل معه ذكريات لا تُنسى في وجدان الشعب المصري، حيث يُعد من أكثر الشهور التي تركت بصمة عميقة في التاريخ الحديث لمصر. ليس مجرد شهر في التقويم، بل هو فصل من فصول الحديث الوطني، تتجدد فيه الحكايات، وتُستعاد فيه المواقف، وتُستحضر فيه اللحظات التي خطّها المصريون بقلوبهم قبل أيديهم.
ففي الثلاثين من يونيو، خرج ملايين المصريين إلى الميادين والساحات، في مشهد تاريخي غير مسبوق، طالبين استعادة هويتهم، وإنقاذ دولتهم من الانجراف في نفق مظلم لا يعرف له نهاية؛ لم يكن الحراك الشعبي في هذا اليوم مجرد اعتراض سياسي، بل كان صرخة شعب أراد أن يحيا بكرامة، وأن يسترد الدولة من براثن الفوضى والانقسام.
ومع مرور السنوات، لم تخفت حرارة هذا اليوم، بل ظلت تتقد في ذاكرة الوطن، تُلهِم الأجيال، وتُذكرهم بأن صوت الشعب هو الأقوى، وأن إرادة الجماهير قادرة على تغيير مصير أمة بأكملها.
وفي ٣٠ يونيو، يتجدد الحديث… في الإعلام، في البيوت، في المدارس، وحتى في المؤسسات. حديث عن الاستقرار بعد العاصفة، عن البناء بعد الانقسام، عن الأمن بعد القلق، وعن مستقبل يرسمه شعب تعلّم الدرس جيدًا.
كما لا يمكن فصل الحديث عن ٣٠يونيو عن القيادة التي لبّت نداء الشعب، وتحملت مسؤولية ثقيلة في ظرف عصيب، لتبدأ رحلة إصلاح شاقة على كل المستويات: من الاقتصاد، إلى البنية التحتية، إلى بناء الإنسان، لتتحول مصر في غضون سنوات إلى دولة تنفض غبار السنين، وتتطلع بثقة إلى الأمام.
ويبقى ٣٠يونيو حديث وطن لا ينتهي، لأنه لم يكن مجرد لحظة، بل تحوّل إلى حالة وعي، وثقافة وطنية، وتجربة شعبية حية تتناقلها الأجيال.
وفي كل عام .. تتجدد في ربوع مصر ذكرى هذا اليوم المجيد، حيث ترفع الأعلام، وتعلو الأغاني الوطنية، وتُقام الندوات والمعارض التي تُبرز حجم التحول الذي شهده الوطن منذ تلك اللحظة الفارقة. فذكرى ٣٠يونيو لم يكن فقط نهاية مرحلة، بل كان بداية عهد جديد، يقوم على أسس الدولة الحديثة التي يحلم بها كل مواطن.
ويؤكد الكثير من الخبراء والمراقبين أن ثورة ٣٠يونيو كانت بمثابة إعادة تصحيح للمسار، وأنها نجحت في إنقاذ الدولة من الانهيار الموشك الذي كان يلوح في الأفق، بفضل وعي الشعب ويقظة مؤسساته الوطنية، وفي مقدمتها القوات المسلحة التي وقفت إلى جانب إرادة الشعب ودعّمتها بكل قوة وحسم.
ثمار تُجنى وبناء لا يتوقف
فى ٣٠يونيو.. بدأت الدولة المصرية في تنفيذ خطة شاملة للإصلاح والتنمية، كان أبرزها إطلاق عدد من المشروعات القومية الكبرى، من مدن جديدة وطرق ومحاور تنموية، إلى تحديث البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، فضلاً عن تمكين الشباب والمرأة وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة أن ثورة ٣٠يونيو بداية لمسيرة وعي وطني تستند إلى إرادة شعبية حقيقية، وأن بناء الدولة الحديثة يتطلب تضافر الجهود بين القيادة والشعب ومؤسسات الدولة.
٣٠يونيو: صفحة لا تُطوى
رغم مرور السنوات، تبقى ذكرى ٣٠يونيو محفورة في وجدان كل مصري، تذكّرهم دومًا بأن الأوطان لا تُصان إلا بوحدة أبنائها، وأن الكرامة الوطنية لا تُهدى، بل تُنتزع بإرادة الشعوب.
في ٣٠يونيو… حديث وطن لا ينتهي، لأنه لم يكن مجرد تاريخ، بل روح وطنية متجددة، ومثال حي على أن الشعوب الواعية قادرة على صياغة حاضرها وصناعة مستقبلها.