الثلاسيميا: مرض وراثي يتطلب فهماً دقيقاً ورعاية طبية متخصصة

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة 

الثلاسيميا، أو كما يُعرف شعبياً بفقر دم البحر المتوسط، ليس مجرد فقر دم عادي. إنه اضطراب وراثي معقد يؤثر على جودة حياة المريض وعائلته. ينتقل هذا المرض عبر الجينات من الوالدين إلى الأبناء، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينتقل بالعدوى. ورغم أن الوعي به قد ازداد في السنوات الأخيرة، لا تزال هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التي تحيط به، خاصة فيما يتعلق بطرق العلاج والنصائح الغذائية. فهم طبيعة المرض، أسبابه الحقيقية، وأعراضه، هو الخطوة الأولى نحو التعايش معه وتقديم الرعاية الصحيحة للمصابين به.

ما هي الثلاسيميا؟

الثلاسيميا هي مجموعة من أمراض الدم الوراثية التي تؤثر على إنتاج الهيموجلوبين، وهو البروتين المسؤول عن حمل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء. بسبب عيب جيني، تكون خلايا الدم الحمراء لدى مرضى الثلاسيميا هشة وغير مكتملة النمو، مما يؤدي إلى تكسيرها بسرعة. هذا التكسير المستمر يسبب فقر دم مزمن وشديد، ويتطلب في الحالات المتقدمة عمليات نقل دم دورية ومنتظمة.

أسباب المرض ووراثته

السبب الرئيسي لمرض الثلاسيميا هو وجود جينات متحورة تنتقل من الوالدين إلى الطفل. عندما يكون الأب والأم حاملين للمرض (أي يحمل كل منهما جينًا واحدًا متحورًا)، فإن هناك احتمالاً كبيراً لإنجاب طفل مصاب بالثلاسيميا الرئيسية. هذه الحالة تُعرف بالثلاسيميا الكبرى وتعتبر أشد أنواع المرض. لهذا السبب، يُعد الفحص الطبي قبل الزواج خطوة وقائية حاسمة للحد من انتشار المرض.

أعراضه وطرق علاجه

تتعدد أعراض الثلاسيميا لتشمل شحوب الجلد واليرقان (اصفرار الجلد والعينين)، التعب الشديد، ضعف الشهية، وتأخر النمو. وفي الحالات المتقدمة، قد يحدث تضخم في البطن نتيجة لتضخم الطحال، وهو عضو يعمل بجهد زائد لتدمير خلايا الدم التالفة.

علاج الثلاسيميا يرتكز بشكل أساسي على:

نقل الدم بانتظام: لتزويد الجسم بخلايا دم حمراء صحية.

العلاج بالاستخلاب: لإزالة الحديد الزائد الذي يتراكم في الجسم بسبب عمليات نقل الدم المتكررة. من المهم جداً التأكيد على أن مرضى الثلاسيميا يجب أن يتجنبوا تناول مكملات الحديد لأنها تزيد من تراكمه وتسبب مضاعفات خطيرة في القلب والكبد.

نصائح مهمة للتعايش مع الثلاسيميا

الرعاية الطبية المتخصصة: يجب أن يكون المريض تحت إشراف طبيب مختص في أمراض الدم (أخصائي أمراض دم) لمتابعة حالته وتحديد خطة العلاج المناسبة.

نظام غذائي متوازن: ينصح باتباع نظام غذائي قليل الحديد، مع التركيز على الأطعمة الغنية بحمض الفوليك وفيتامين د والكالسيوم، والتي تساعد على دعم صحة العظام.

الحذر من المعلومات غير الدقيقة: يجب عدم الاعتماد على النصائح الشعبية أو غير المثبتة علمياً، مثل تناول الأعشاب أو العسل لرفع الهيموجلوبين، لأنها قد تكون بلا فائدة أو حتى تضر بصحة المريض.

 

Related Posts

الدوبامين والسعادة

رانده حسن الدوبامين هو ناقل عصبي أساسي في الدماغ، يلعب دورًا محوريًا في العديد من الوظائف الحيوية مثل الحركة، والمزاج، والتحفيز، والتعلم، والمكافأة. السؤال هنا : ما هو الدوبامين؟ الدوبامين…

مسمار القدم: علاجات طبيعية بسيطة للتخلص منه نهائيًا

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة  يعتبر مسمار القدم، أو ما يُعرف طبيًا باسم “الكالو”، مشكلة جلدية شائعة ومزعجة تسبب الألم وعدم الراحة. يتشكل الكالو نتيجة الاحتكاك والضغط المستمر على منطقة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *