
دارين عوض
“إيقات”: منجم مصري يلمع في خريطة الذهب العالمية
تُعدّ الصحراء الشرقية المصرية بمثابة كنز دفين، مليء بالثروات المعدنية التي تنتظر أن تُستغل. ومن بين هذه الكنوز، يبرز منجم “إيقات” كواحد من أبرز المشروعات الواعدة التي تتبناها مصر، بهدف تعزيز مكانتها في سوق الذهب العالمي. هذا المنجم، الذي يُعدّ استثمارًا مصريًا خالصًا، ليس مجرد موقع لاستخراج الذهب، بل هو رمز لاستراتيجية جديدة تتبناها الدولة لتطوير قطاع التعدين.
قفزة نوعية في قطاع التعدين
تمثل مشروعات مثل منجم “إيقات” نقلة نوعية في استراتيجية مصر التعدينية. فبعد سنوات من الاعتماد على صيغ عقود لم تكن جذابة للمستثمرين، مثل اتفاقيات “اقتسام الإنتاج”، قامت مصر بتحديث قانون الثروة المعدنية. تضمنت التعديلات الجديدة نظامًا أكثر مرونة قائمًا على الإتاوات والضرائب، ما يتوافق مع المعايير العالمية ويُشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
هذه الإصلاحات، إلى جانب الجهود المبذولة لتحديث الهيئة المصرية للثروة المعدنية وتحويلها إلى كيان اقتصادي مستقل، تمهد الطريق أمام مصر لزيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي، وتجعلها وجهة استثمارية جذابة للشركات العالمية.
“إيقات” ودوره في المستقبل
يُقدّر احتياطي منجم “إيقات” بحوالي 1.2 مليون أوقية من الذهب، مع نسبة استخلاص عالية جدًا، تصل إلى 95%، ما يجعله ذا جدوى اقتصادية كبيرة. بدأ التشغيل التجريبي للمنجم في مارس 2023، وخلال العام الماضي، أنتج ما يزيد عن 45 كيلوجرامًا من الذهب، ما يؤكد على إمكاناته الكبيرة.
تأتي أهمية “إيقات” من كونه مشروعًا مصريًا بالكامل، تديره شركة “إيقات لمناجم الذهب” بالشراكة بين الشركة المصرية للثروات التعدينية، وهيئة الثروة المعدنية، وشركة شلاتين للثروة المعدنية. هذا النموذج من الشراكة يضمن أن الفوائد الاقتصادية للمنجم تعود بشكل مباشر على الدولة، ويساهم في بناء الخبرات المحلية في مجال التعدين.
آفاق واسعة للذهب المصري
لا يقتصر طموح مصر على منجم “إيقات” فقط، بل يمتد ليشمل تطوير قطاع الذهب بأكمله. فمنجم السكري، الذي تديره شركة سنتامين، لا يزال الركيزة الأساسية لإنتاج الذهب في مصر، وتعمل الحكومة على زيادة الإنتاج فيه. كما تسعى مصر إلى إطلاق جولات عالمية جديدة للتنقيب عن الذهب في مناطق مختلفة من الصحراء الشرقية، في خطوة تهدف إلى اكتشاف المزيد من الموارد وتوسيع قاعدة الإنتاج.
من خلال هذه الاستراتيجية المتكاملة، تسعى مصر إلى تحويل ثرواتها الكامنة إلى قيمة مضافة حقيقية، ووضع اسمها بقوة على خريطة الذهب العالمية، ما يعزز من مكانتها الاقتصادية ويفتح آفاقًا جديدة للتنمية والنمو.