بقلم: صلاح عثمان
مِنْ حُسْنِ الحَظِّ مَعْرِفَتِي بِهَا.
إِنَّهَا المُحَامِيَةُ الَّتِي أَقْبَعُ فِي مَكْتَبِهَا حَالِيًّا،
جِئْتُ إِلَى هُنَا بَعْدَ عِرَاكٍ بِالأَيَادِي،
وَأَلْفَاظٍ نَابِيَةٍ فَاحَتْ فِي جَنَبَاتِ قَاعَةِ المَحْكَمَةِ.
كَانَ فِي ظَنِّي أَنَّهَا نِهَايَةُ المَتَاعِبِ،
بَلْ يَقَظَةُ ضَمِيرٍ مُنْتَظَرَةٌ،
نَفْتَحُ بِهَا صَفْحَةً لِلْوُدِّ الصَّافِي.
وَلَكِنَّ النُّطْقَ بِالبَرَاءَةِ أَوْغَرَ الصُّدُورَ،
فَكَأَنَّ العَدَالَةَ نَطَقَتْ بِصَوْتٍ لا يُفْهَمُ،
وَالمَحْكَمَةُ خَرَجَتْ مِنْ دَوْرِهَا كَمِيزَانٍ،
لِتُصْبِحَ مِرْآةً تُشَوِّهُ مَنْ يَنْظُرُ فِيهَا.
هٰذَا مَا آمَنَتْ عَلَيْهِ المُحَامِيَةُ،
إِذْ تَابَعَتْ مَسَارَ قَضِيَّتِي مِنْ بَعْدِ مُوَكَّلِينَ كُثُر،
جَمِيعُهُمْ رَكَنُوا لِإِغْرَاءِ الخُصُومِ،
وَكَأَنَّ الوَفَاءَ نَبَاتٌ لا يَنْبُتُ فِي تُرَابِ القَرَابَةِ.
مُصَابِي الأَلِيمُ فِيهِمْ أَنَّهُمْ خَاصَّةٌ أَقَارِبِي،
كُلُّهُمْ عَلَى غِرَارٍ وَاحِدٍ،
وَتَتَابَعَتِ الجَلَسَاتُ فِي تَعَثُّرٍ بَالِغٍ،
كِدْتُ أَفْقِدُ الأَمَلَ،
أَضَعُ وَجْهِي عَلَى كِلْتَا يَدَيَّ وَأَتَأَمَّلُ،
انْتَبَهْتُ إِلَيْهَا وَقَدْ رَفَعَتْ رَأْسَهَا مِنَ الأَوْرَاقِ،
قَالَتْ وَهِيَ تُحَدِّقُ فِي وَجْهِي:
إِنَّهُمْ فِي قَبْضَةِ الشُّرْطَةِ وَيَطْلُبُونَ حُضُورِي.
– هٰذَا لَيْسَ مُهِمًّا عِنْدِي.
– مَا المُهِمُّ إِذَنْ؟
– مُغَادَرَةُ البِلَادِ بِأَسْرَعِ مَا يَكُونُ.
– هٰذَا جَيِّدٌ فِي الوَقْتِ الحَالِي.
وَتَوَالَى حَدِيثِي،
أَسْرُدُ تَفَاصِيلَ التَّخَلُّصِ مِنْ جَمِيعِ مَا أَمْلِكُهُ،
كَأَنَّنِي أُفَرِّغُ ذَاكِرَتِي،
وَأُهَيِّئُهَا لِرَحِيلٍ لَا يَحْمِلُ مَعَهُ شَيْئًا،
سِوَى وَعْدٍ وَشِيكٍ بِأَنْ أَصِيرَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ.
الإسكندرية ٨ سبتمبر ٢٠٢٥م