الأربعاء 2 ربيع الثاني 1447 | 24 - سبتمبر - 2025 - 3:00 ص
الرئيسيةدينيالجار.......للجار

الجار…….للجار

د.نادي شلقامي

أهمية الجار في القرآن والسنة
يُعتبر الإحسان إلى الجار من علامات الإيمان، وقد وردت عدة نصوص تؤكد على ذلك:
أولا :من القرآن الكريم:
يقول الله تعالى في سورة النساء، الآية 36: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا”.
لاحظ كيف أن الله تعالى قرن الإحسان إلى الجار بعبادته والإحسان إلى الوالدين والأقارب، مما يدل على عظم منزلته.

ثانيا: من السنة النبوية:
حثّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى الجار في أحاديث كثيرة، منها:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه”. (رواه البخاري ومسلم)
2- وقال أيضاً: “لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه”. (رواه مسلم) أي أن المؤمن الحقيقي هو من يكون جاره آمناً من أذاه.
3- وفي حديث آخر: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره”. (رواه البخاري)

كيفية التعامل مع الجار بشكل عام
التعامل الحسن مع الجار هو أساس العلاقة، ويشمل:
1-عدم الإيذاء: يجب أن تحرص على عدم إلحاق أي ضرر بجارك، سواء كان بالقول أو الفعل. تجنب الأصوات المزعجة، ورمي القمامة قرب منزله، أو أي سلوك يسبب له الضيق.
2- الإحسان وتقديم المساعدة: كن سبّاقاً لفعل الخير مع جارك. قدم له المساعدة إذا احتاج، واسأل عنه إذا مرض أو غاب.
3- تبادل الهدايا والطعام: إذا قمت بطهي طعام، فمن المستحب أن تهدي جزءاً منه لجارك، فهذا يقوي الروابط ويُظهر المودة.
4- ستر العيوب: لا تتجسس على جيرانك أو تنشر عيوبهم.

التعامل مع الجار غير المسلم (الذمي)
أكد الإسلام على أن حقوق الجار لا تقتصر على المسلمين فقط، بل تشمل غير المسلمين أيضاً. فالتعامل مع الجار غير المسلم يكون بنفس المبادئ التي ذكرناها، وذلك من خلال:
1-الإحسان: كما قال تعالى في الآية السابقة: “وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ”، حيث يشمل “الجار الجنب” (البعيد) الجار غير المسلم.
2- التعامل بالعدل والبر: قال تعالى: “لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”. (سورة الممتحنة، الآية 8)
3- نموذج النبي صلى الله عليه وسلم: كان للنبي صلى الله عليه وسلم جار يهودي، وكان يزوره إذا مرض، ويدعوه إلى الإسلام بأحسن صورة، وقد حُكي أن هذا الجار أسلم قبل وفاته.

خلاصة القول: حقوق الجار لا ترتبط بدينه، بل بكونه جاراً لك. إحسانك إلى جارك، مسلماً كان أم غير مسلم، هو دليل على قوة إيمانك وحسن خلقك.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا