محمد غريب الشهاوي
حين نقرأ في سير الصحابة الكرام نجد نماذج عظيمة تؤكد أن ميزان التفاضل عند الله ليس بالمال ولا بالجاه ولا بالشكل، وإنما بالتقوى والإيمان. ومن بين هذه النماذج المضيئة يبرز اسم الصحابي الجليل جليبيب رضي الله عنه، الذي لم يكن يملك مالًا ولا نسبًا عظيمًا، ولكنه ملك قلوب المؤمنين بصدقه وإخلاصه، ونال مكانة عظيمة عند رسول الله ﷺ.
جليبيب.. الفقير الذي رفعه الإيمان
كان جليبيب رجلًا فقيرًا قصير القامة، لا يلتفت إليه كثير من الناس، حتى إن بعضهم كان يرى أنه لا يصلح للزواج أو لمكانة تُذكر. لكن النبي ﷺ أراد أن يبين للأمة أن قيمة الإنسان ليست في مظهره، وإنما في جوهره. فخطب له بنتًا من بنات الأنصار، فاعترض الأهل في البداية، ولكن الفتاة المؤمنة قالت قولتها المشهورة: “كيف تردون أمر رسول الله؟ أتزوج جليبيبًا.” فكانت نعم الزوجة ونِعم الاختيار.
بطل الميدان
في إحدى الغزوات خرج جليبيب مع رسول الله ﷺ، فقاتل قتال الأبطال، ووقع شهيدًا بعد أن قتل سبعة من المشركين. ولما وجد النبي ﷺ جسده الطاهر قال:
“هذا مني وأنا منه”
ورددها ثلاث مرات، ليعلن مكانته عند الله ورسوله. ثم حمله النبي ﷺ بيديه ودفنه بنفسه.
العبرة
قصة جليبيب رضي الله عنه درس خالد للأمة: أن المقياس الحقيقي للإنسان ليس المال ولا الشكل ولا الجاه، وإنما الإيمان والعمل الصالح. فقد عاش جليبيب مغمورًا في أعين الناس، لكنه صار عظيمًا في ميزان السماء.