بقلم: خديجة ربيع “أسيرة القلم”
في هزيعُ يُخضّبهُ الفجر خضابًا أقبل علىّ قريبٌ بملامةٍ كحد السِّنان قائلًا: “أراك متبلدةً” تفطر فؤادي لا من مقالته، سكنت الكلمة و آثارها لم تمضِ، لا لاني لم أفهمهُ؛ بل لأني تذكرت كل ما لم يُقل قبلهُ، أعادتني الى دروبٍ أعرفها جيدًا، فلا رأيت قلبي يومًا يثب كما تثب المهارَ، ظللت دهرًا تحت لواء الحزنِ، قد شدَّ أطنابه في صدري، صار الفؤاد كجذوة أضرمت حتى إذا ما انتهت خلّقت رمادًا لا يرى له لهيب، أحمل في الحشا بكاءً مكتومًا لو أطلق لزلزل السمعَ، حُبس فصار وجعًا أصمَّ، مشاعري لا تفيضُ ولا تجفُ وقوف كالصخرِ، كأنها غُلقت بين الحياة والفناءِ، ما بي من الناس أحد درى، ولا الليل شكوت وللنهار فصحت، فإن هممت بالبوح سبقني الأسى، وكسر الحرف قبل أن يُولد، وجهي أملس لا يُقرأ لا يعرف ضحكًا ولا يُبدي نحيبًا، وحين وصفت بالتبلِّد، أدركت أنهم لم يروا الطريقَ، ولم يشهدوا السقوطَ، لست متبلدةً، ولكني مصلوبة الصبر، جمودي بقايا احتراقِ، قلبي لم يكن باردًا، كان متعبًا، أحرق أكثر مما أحتملَ، حتى اذا خُمد حسبوه انطفاءً، وما كان سوى نجاة أخيرة من الاحتراقِ، دهرُ وأنا أقاتل أيامي بلا راية، والسقوط بعد هذا العناء صار وجعًا لا احتمله.
