د حمدان محمد
يقبل شهر رجب على الأمة الإسلامية حاملا معه معاني التعظيم والرجاء فهو أحد الأشهر الحرم التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز فقال سبحانه( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظم الأشهر الحرم ويبين مكانتها ويغرس في نفوس أصحابه توقير الزمان كما يوقر المكان فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) وشهر رجب موسم لإيقاظ القلوب الغافلة والعودة الصادقة إلى الله ففيه تتجدد معاني التوبة والإنابة وقد قال الله تعالى( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )وقال سبحانه( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء في كل وقت ويحث أصحابه على لزوم الدعاء لأنه العبادة كما قال صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة) ثم قرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)
وفي رجب يستشعر المؤمن قربه من الله فيكثر من ذكره ويستعين به على صلاح دنياه وآخرته قال تعالى( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وقال سبحانه (وفي السماء رزقكم وما توعدون)
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يربط بين مواسم الطاعة والعمل الجاد فكان يدعو ربه قائلا (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) وهو دعاء حسن المعنى يتداوله أهل العلم رجاء لا اعتقادا بفضل خاص ثابت وإنما شوقا للاستعداد لأعظم مواسم الطاعة
وشهر رجب ليس شهرا للكسل أو الاتكال بل هو بداية طريق فمن صدق مع الله في رجب أعانه الله في شعبان وبلغه رمضان بقلب سليم وقد قال الله تعالى( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)
فطوبى لمن جعل من رجب بداية جديدة وأقبل فيه على القرآن فقال تعالى( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )
وطوبى لمن أكثر فيه من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم امتثالا لقوله تعالى( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)
نسأل الله أن يجعل شهر رجب فاتحة خير وبركة وأن يرزقنا فيه صدق التوبة وإخلاص العمل وأن يفيض علينا من فضله ورحمته وأن يبلغنا رمضان ونحن أقرب إليه وأحب لطاعته وأبعد عن معصيته
شهر رجب بين نور القرآن وهدي سيد المرسلين
574
