كتبت/ سالي جابر
في جلسة اليوم، رفض أحد الأطفال أن يشارك في النشاط. جلس في زاوية الغرفة عابس الوجه، مطوي الذراعين، يشيح بوجهه عني كلما حاولت الحديث معه.
في البداية شعرت بالقلق: هل أخطأت في طريقة تقديم النشاط؟، ثم شعرت بالتعاطف وأنا أرى ملامحه الغاضبة تخفي في داخلها حزنًا صغيرًا. كان المشهد يذكرني كم أن الغضب عند الأطفال أحيانًا مجرد ستار لمشاعر أخرى أعمق.
هذا الموقف أكد لي أن التعبير عن المشاعر هو المفتاح؛ فبدلًا من إجبار الطفل على المشاركة، اقتربت منه وسألته بهدوء: “هل أنت زعلان؟”، فأومأ برأسه. تركت له مساحة ليتحدث، فاكتشفت أنه كان يريد نشاطًا مختلفًا. مجرد الاعتراف بمشاعره جعله يهدأ ويقترب خطوة مني.
بعد دقائق قليلة عاد ليجلس بجواري. لم يشارك في النشاط الأساسي، لكنه أمسك الألوان وبدأ يرسم. رسم خطوطًا كثيرة حمراء متداخلة، ثم التفت وقال لي: “أنا كنت غضبان”. ابتسمت في داخلي، فقد كانت تلك اللحظة انتصارًا صغيرًا: طفل استطاع أن يحوّل غضبه إلى لون، وأن يجد طريقة آمنة ليقول ما بداخله.
أدركت أن دوري ليس أن أغيّر شعور الطفل أو أن أفرض عليه نشاطًا، بل أن أساعده على أن يسمي مشاعره ويجد وسيلة للتعبير عنها. حينها فقط يصبح الانفعال جسرًا للتواصل بدل أن يكون جدارًا يفصلنا.
