بقلم: سالي جابر _ أخصائية نفسية
التعامل مع الأطفال يتطلب فهمًا عميقًا لنظرتهم للعالم وقدرتهم على التعبير عن أنفسهم. كثير من الآباء والأمهات يميلون إلى الحكم على سلوك الطفل مباشرة، معتقدين أن هناك “صوابًا” و”خطأً” مطلقًا، بينما الحقيقة أن سلوك الطفل غالبًا ما يكون نسبيًا ويحتاج إلى تفسير سياقي.
مفهوم النسبية في التربية:
النسبية هنا تعني أن كل سلوك يظهره الطفل يجب فهمه في ضوء ظروفه، شخصيته، ومراحل نموه. مثال بسيط: طفل يرفض تناول الطعام الجديد قد يكون طبيعيًا إذا كان يعاني من حساسية أو قلق تجاه التغيير، بينما نفس السلوك عند طفل آخر قد يشير إلى مشكلة في الانتباه أو التحكم بالنزوات.
أهمية فهم السياق:
– العمر ومرحلة النمو: الطفل في عمر ثلاث سنوات يمر بمرحلة “التمرد المرحلي”، لذلك قد يكون رفضه لبعض الأمور طبيعيًا.
– البيئة المحيطة: الضغوط النفسية أو الخوف من العقاب قد يؤديان إلى سلوكيات سلبية.
– القدرات الفردية: بعض الأطفال يحتاجون وقتًا أطول للتكيف مع قواعد جديدة أو تعلم مهارة جديدة.
استراتيجيات التعامل مع الطفل نسبيًا:
– الملاحظة قبل الحكم: راقبي سلوك الطفل لفترة قبل إصدار أي قرار أو عقاب.
– الاستماع للطفل: فهم دوافعه يوضح ما إذا كان السلوك طبيعيًا أو يحتاج لتدخل.
– استخدام التعزيز الإيجابي: مكافأة السلوك الجيد بدل التركيز فقط على الأخطاء.
– تعديل التوقعات: تذكر أن كل طفل يختلف عن الآخر، وما يصلح لطفل قد لا يصلح لآخر.
النسبية في التعامل مع الطفل ليست عذرًا للتساهل، لكنها طريقة لفهم الطفل من الداخل، وتطوير علاقة قائمة على الثقة والاحترام، بدل العقاب المستمر أو الانتقاد الحاد. الطفل الذي يُفهم سياقه بشكل صحيح ينمو بثقة، ويطور مهاراته بطريقة صحية ومستقرة.
