الأربعاء 2 ربيع الثاني 1447 | 24 - سبتمبر - 2025 - 3:00 ص
الرئيسيةمقالاتخيانة الأمانة في رسالة التعليم

خيانة الأمانة في رسالة التعليم

د/ حمدان محمد

لقد عظّم الإسلام شأن الأمانة حتى جعلها مقياساً للإيمان؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27].

والمعلم حين يقف أمام طلابه، فإنه مؤتمن على عقولهم وقلوبهم ومستقبلهم، وهذه أمانة لا تقبل المساومة. غير أن الواقع المؤلم اليوم يكشف عن بعض من يفرّطون في هذه الأمانة، فيعطون طلابهم المعلومة ناقصة في قاعات المدرسة، ثم يكملونها في دروس خصوصية بمقابل مالي كبير، ليصبح الطالب وولي أمره بين نارين: نار التقصير في التعليم الرسمي، ونار الاستنزاف المادي في التعليم الموازي.

وقد حذر النبي ﷺ من خيانة الأمانة، فقال صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» [متفق عليه]. فما أعظمها من خيانة حين تتحول رسالة العلم إلى تجارة، ويصبح الطالب زبوناً لا متعلماً! فالتعليم في الإسلام عبادة قبل أن يكون وظيفة، فقد قال رسول الله ﷺ: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة» [رواه مسلم]. فكيف يجرؤ من اؤتمن على العلم أن يسد الطريق أمام أبنائنا، ليجبرهم على دفع الأموال في سبيل تحصيل ما هو حق لهم داخل المدرسة؟

وإذا كان النبي ﷺ قد قال: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته» [متفق عليه]، فإن المعلم راعٍ في فصله، ومؤتمن على طلابه، مسؤول عنهم أمام الله تعالى يوم القيامة. فهل يقبل أحد أن يقف بين يدي الله خائناً للأمانة، مفرطاً في الرسالة؟

وإن إصلاح التعليم لن يتحقق إلا بإصلاح النفوس، واستشعار المعلم لرقابة الله عليه، وإعادة الهيبة لقيمة العلم ورسالة المعلّم. فالمجتمع بأسره لن ينهض إلا بالعلم النزيه الخالص من الاستغلال، وبالمعلم الصادق الذي يؤدي الأمانة كاملة غير منقوصة

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا