كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
التهاب الأذن الوسطى القيحي المزمن هو حالة التهابية مزمنة وطويلة الأمد تصيب الأذن الوسطى. يتميز هذا الالتهاب بوجود ثقب دائم في طبلة الأذن، مصحوبًا بإفرازات صديدية (قيحية) متكررة أو مستمرة من الأذن. يُعتبر هذا الالتهاب من الأسباب الرئيسية والشائعة لضعف السمع المزمن، لا سيما في الدول النامية.
الأسباب وعوامل الخطر
ينتج الالتهاب المزمن عادةً عن تفاعلات معقدة، وتشمل أسبابه ما يلي:
التهابات الأذن الوسطى الحادة المتكررة: خاصة في مرحلة الطفولة، إذا لم يتم علاجها بشكل مناسب وكامل.
العدوى البكتيرية المزمنة: بما في ذلك أنواع قوية مثل الزائفة الزنجارية والمكورات العنقودية الذهبية.
خلل وظيفة قناة استاكيوس: الانسداد المزمن أو ضعف وظيفة القناة التي تربط الأذن الوسطى بالبلعوم، وغالبًا ما ينتج عن التهاب مزمن في الجهاز التنفسي العلوي (مثل تضخم الغدانية أو التهاب الأنف والبلعوم المتكرر).
دخول الماء أو الملوثات: وصول الماء الملوث إلى الأذن عبر ثقب الطبلة.
العوامل الفردية: مثل الاستعدادات الوراثية أو ضعف المناعة الذي يؤثر على مقاومة الأذن للعدوى.
الأعراض والعلامات
تظهر العلامات تدريجيًا وتشمل:
خروج إفرازات (سيلان): إفرازات قيحية أو مخاطية صديدية مستمرة أو متقطعة من قناة الأذن، وغالبًا ما تكون ذات رائحة كريهة.
ضعف السمع: نقص تدريجي في القدرة السمعية، ناتج عن تلف طبلة الأذن أو تآكل العظيمات السمعية.
الطنين: سماع أصوات وهمية في الأذن، أو شعور بالامتلاء أو الضغط.
الألم: عادةً ما يكون الألم بسيطًا أو غائبًا في الحالة المزمنة (على عكس الالتهاب الحاد الذي يتميز بالألم الشديد).
الدوار أو اختلال التوازن: قد يحدث في حالات انتشار الالتهاب إلى الأذن الداخلية.
أنواع التهاب الأذن الوسطى القيحي المزمن
يُقسم الالتهاب المزمن بناءً على مدى خطورته وتأثيره على عظام الأذن:
النوع البسيط (المُخاطي/الثقبي):
يقتصر الالتهاب على الغشاء المخاطي للأذن الوسطى.
يتميز بوجود ثقب بسيط في الطبلة دون تآكل عظمي أو تكوّن جلد غير طبيعي.
النوع الخطير (الكوليستياتوم):
يتميز بتكوّن كتلة جلدية مدمرة تُعرف باسم “الكوليستياتوما” داخل الأذن الوسطى أو الخشاء.
تؤدي هذه الكتلة إلى تآكل العظام المحيطة بها (العظيمات السمعية وعظم الخشاء)، مما يرفع خطر حدوث مضاعفات خطيرة.
المضاعفات المحتملة
إذا لم يُعالج الالتهاب الكوليستياتومي، قد يؤدي إلى:
ضعف أو فقدان السمع الدائم.
التهاب الخشاء المزمن (العظم خلف الأذن).
شلل العصب الوجهي (شلل في عضلات الوجه).
مضاعفات داخل القحف: امتداد الالتهاب إلى الدماغ أو السحايا، مما قد يسبب التهاب السحايا أو خُراج دماغي.
التهاب الأذن الداخلية: يؤدي إلى دوخة شديدة وفقدان دائم للتوازن.
العلاج
الهدف من العلاج هو وقف الإفرازات والحفاظ على سمع جيد وتجنب المضاعفات.
العلاج التحفظي (الدوائي):
تنظيف الأذن: إجراء شفط دوري للإفرازات بواسطة الطبيب، وهو خطوة أساسية قبل العلاج الدوائي.
قطرات الأذن الموضعية: استخدام مضادات حيوية موضعية (مثل الكوينولونات: سيبروفلوكساسين أو أوفلوكساسين) التي تكون آمنة للاستخدام في الأذن المثقوبة.
المضادات الحيوية الفموية: تُستخدم في حالات العدوى الشديدة أو انتشارها.
العلاج الجراحي
رأب الطبلة
إجراء جراحي لإصلاح الثقب الدائم في طبلة الأذن بعد السيطرة على الالتهاب.
استئصال الكوليستياتوما/جراحة الخشاء: ضروري لإزالة الأنسجة المريضة المدمرة ومنع المضاعفات، وقد يشمل إعادة بناء للعظيمات السمعية (رأب العظيمات).
الوقاية
تجنب الالتهاب المزمن ممكن باتباع الإجراءات الوقائية التالية:
المعالجة الفورية: علاج التهابات الأذن الوسطى الحادة والتهابات الجهاز التنفسي العلوي بشكل كامل ومبكر.
حماية الأذن: تجنّب دخول الماء الملوث إلى الأذن أثناء الاستحمام أو السباحة، خاصة عند وجود ثقب معروف في الطبلة.
المتابعة الدورية: إجراء فحوصات دورية لدى طبيب الأنف والأذن والحنجرة، لا سيما للأطفال المعرضين لتكرار التهابات الأذن.
