عبد الله القطاري – تونس
يُعدّ الحاج حسن الجنحاني واحدًا من أبرز القامات في فنّ البيزرة بمدينة قليبية، ذلك الفن العريق الذي يجسّد علاقة الإنسان بالطبيعة عبر تربية وترويض الطيور الجارحة، وخاصة طائر السّاف النبيل.
كان الراحل من الشخصيات المحبوبة والمقدّرة بين أبناء هذا الفنّ، يتمتّع باحترام كبير من أعضاء الجمعية الجهوية لبيازرة الوطن القبلي لما عُرف به من انضباط وأخلاق عالية وسلوك راقٍ. ظلّ طوال حياته محافظًا على اللباس التقليدي التونسي الذي ورثه عن أجداده، في وفاءٍ جميلٍ للهوية والأصالة.
وكانت هوايته المفضّلة التي منحها قلبه ووقته هي تربية طائر السّاف، إذ كان يحرص كل موسم على المشاركة في رحلات القبض على هذه الطيور. وكان يصطحب معه ابنه الراحل محمد الجنحاني، الذي ورث عنه ذات الشغف، فيقضيان الأيام في غابات الهوارية أو وادي القصب لنصب الشباك الثابتة (الغزول) وفق القوانين المنظمة لذلك النشاط.
وبعد الظفر بطيورهم، كانا يحمدان الله على التوفيق ويبدآن في عمليات الترويض والتدريب التي تحتاج إلى صبرٍ وخبرةٍ ودقّة. لم يكن الحاج حسن يبخل على زملائه من البيازرة بتقديم النصائح والدروس حول أساليب الترويض وفنون الصيد، وكان يشارك بانتظام في المسابقات والمهرجانات المخصّصة لطائر السّاف، محقّقًا جوائز متعدّدة في كل دورة.
رحل العمّ الحاج حسن الجنحاني تاركًا خلفه إرثًا جميلًا من الوفاء لفنّ البيزرة ومن القيم الأصيلة التي تجمع بين الحبّ للطبيعة والاحترام لتراث الأجداد. وسيبقى اسمه محفورًا في ذاكرة بيازرة الهوارية وقليبية وحمّام الأغزاز ودار علّوش وكلّ من عرفه عن قرب.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه خير الجزاء على ما قدّمه لتراثنا الوطني الأصيل.
