د.نادي شلقامي
شهدت القاهرة اليوم لقاءً رفيع المستوى يؤكد على الدور المحوري لمصر كمركز عالمي للتسامح والتعايش الديني، حيث استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي وفدًا من أبرز القيادات المسيحية العالمية متمثلاً في مجلس الكنائس العالمي. ترأس الوفد القس البروفيسور دكتور جيري بيلاي، الأمين العام للمجلس، في زيارة تحمل أبعادًا دينية وسياسية هامة.
لم يكن هذا الاستقبال مجرد بروتوكول عابر، بل كان تأكيدًا على عمق العلاقات بين الدولة المصرية ومؤسساتها الدينية العريقة، وهو ما تجسّد في حضور قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ليضفي ثقلاً رمزيًا وفعليًا على اللقاء. من الجانب الرسمي المصري، شارك الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، مما يشير إلى أن ملف الحوار الديني والتسامح يمثل أولوية في السياسة الخارجية للدولة.
من جانب وفد مجلس الكنائس العالمي، حرصت القيادات الرئيسية على التواجد، ومن بينهم الأسقف هينرتس بيدفورد استورهم، المنسق العام، ونائبا المنسق العام المطران فيكن إيكازيان والقس مارلين هيدي ريلي، بالإضافة إلى ممثلين للكنيسة المصرية في المجلس وهما نيافة الأنبا توماس، مطران القوصية ومير وعضو اللجنة المركزية، ونيافة الأنبا ابراهام، الأسقف العام في إيبارشية لوس أنجلوس وعضو سكرتارية المجمع المقدس واللجنة المركزية للمجلس. هذا التجمع القيادي يؤكد على أهمية مصر كشريك أساسي في جهود المجلس لتعزيز السلام والوحدة والعدالة على المستوى الدولي.
يُنتظر أن تركز محادثات هذا الاجتماع رفيع المستوى على سبل تعزيز الحوار المشترك وقيم المواطنة، ومناقشة التحديات العالمية التي تواجه التعايش السلمي، إلى جانب استعراض جهود مصر لترسيخ مبادئ التسامح واحترام دور العبادة في “أرض الأنبياء”.
وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير محمد الشناوي، بأن الرئيس رحّب بالوفد الزائر، معرباً عن تهنئته بنجاح المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي، الذي استضافته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في وادي النطرون، مؤكداً أن انعقاد هذا المؤتمر في مصر، ولأول مرة في أفريقيا وآسيا منذ عام 1927، يحمل دلالات عميقة على مكانة مصر الروحية والتاريخية. وأكد السيد الرئيس تقديره العميق لقداسة البابا تواضروس الثاني ولدور الكنيسة المصرية الوطني والروحي، مشدداً على أن مصر، التي احتضنت العائلة المقدسة وكثيراً من الرسل والأنبياء، ستظل دوماً أرض السلام والتسامح، وأن الدولة المصرية ملتزمة بصون حرية العبادة والعقيدة، وتعزيز الحوار بين المؤسسات الدينية بما يسهم في ترسيخ قيم التفاهم والتسامح.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس استعرض جهود مصر الحثيثة لوقف الحرب في غزة، واستضافتها لقمة شرم الشيخ للسلام، مشيراً إلى أهمية دعم مجلس الكنائس العالمي وكافة المؤسسات الدينية لجهود تثبيت وقف إطلاق النار، والمساهمة في إعادة إعمار القطاع.
ومن جانبهم، أعرب أعضاء وفد مجلس الكنائس عن تقدير المجلس للدور الجوهري الذي قامت به مصر، والسيد الرئيس شخصياً، لوقف الحرب في قطاع غزة، حيث أوضحوا أن العالم يدرك الدور الذي قامت به مصر في هذا الصدد، معربين عن الأمل في تحقيق العدالة والسلام في غزة والسودان وأوكرانيا وميانمار، وغيرها من مناطق الأزمات في العالم، مشيرين إلى أن حكمة السيد الرئيس في إدارة الأزمات تمثل نموذجاً يُحتذى به لقادة العالم.
وأشار المتحدث الرسمي ألى ان أعضاء وفد مجلس الكنائس العالمي وجّهوا الشكر الرئيس على جهود مصر في الأزمة السودانية، مشيدين باستضافة مصر لأكثر من خمسة ملايين سوداني، يتمتعون بكافة الخدمات المقدمة للمواطنين المصريين، معتبرين أن هذا الموقف الإنساني النبيل والفريد يستحق الإشادة والاقتداء.
وفي هذا السياق، أشار الرئيس إلى أن مصر تستضيف نحو عشرة ملايين أجنبي نزحوا إليها بسبب الحروب والأزمات، وأن الشعب المصري يفتح لهم أبواب المساعدة والدعم دون تمييز.
وذكر المتحدث الرسمي أن أعضاء وفد مجلس الكنائس العالمي جدّدوا التعبير عن الشكر والتقدير الرئيس على جهوده المتواصلة لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ولما لمسوه مما تشهده مصر من حرية غير مسبوقة في الاعتقاد وبناء دور العبادة، مشيدين بمبادرة السنوية لزيارة الكنيسة المصرية وتهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد، والتي تؤكد روح المحبة والتقدير.
وقد أكد الرئيس من جانبه سعادته الدائمة بمشاركة أبناء الوطن من الأقباط في احتفالاتهم، تقديراً لهم ولقداسة البابا تواضروس، مشدداً في ختام اللقاء على الدور الجوهري للمؤسسات الدينية في دعم مساعي السلام ونبذ العنف والكراهية.
