د. إيمان بشير ابوكبدة
مع بدء عدد من الدول حول العالم تطبيق التوقيت الشتوي وإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء ساعة كاملة، حذّر علماء من التأثيرات الصحية الناتجة عن هذا التبديل، مؤكدين أن الأمر لا يقتصر على كسب ساعة نوم إضافية فحسب، بل يمتد إلى اضطرابات في الساعة البيولوجية للجسم.
ورغم أن البعض يرى في التحول إلى التوقيت الشتوي فرصة لتعويض النوم المفقود خلال الصيف، فإن خبراء النوم يرون العكس، إذ تشير دراسة من جامعة ستانفورد الأميركية إلى أن التغييرات المتكررة في مواعيد الساعة تُعد من أسوأ الممارسات على صحة الإنسان، لأن الجسم لا يتكيف سريعاً مع تبدّل الإيقاع اليومي بين الضوء والظلام.
وأوضح الباحث جيمي زايتزر من مركز علوم النوم والإيقاعات الحيوية في ستانفورد، أن الساعة البيولوجية تعمل كقائد أوركسترا، تحتاج جميع الأعضاء إلى التناسق معه، وأي اضطراب في التوقيت يؤدي إلى خلل في الأداء الجسدي والعقلي.
وتوصي الأكاديمية الأميركية لطب النوم باعتماد التوقيت الشتوي بشكل دائم لأنه الأقرب إلى دورة الشمس الطبيعية، ويوفّر ضوءاً صباحياً يحفّز نشاط الجسم، بينما يؤخر التوقيت الصيفي إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن النعاس، مما يسبب اضطراب النوم وزيادة التوتر والمشكلات القلبية والتمثيل الغذائي.
ويشير الخبراء إلى أن مجرد تغيير الساعة لستين دقيقة كفيل بإرباك الجسم، خصوصاً لدى من يعانون من قلة النوم أو اضطرابات الإيقاع الحيوي. كما أظهرت دراسات أن الأيام الأولى بعد التحول إلى التوقيت الصيفي تشهد ارتفاعاً في معدلات حوادث الطرق والنوبات القلبية، بينما يفاقم التحول الشتوي أعراض الاكتئاب الموسمي بسبب قلة الضوء الطبيعي.
وللتقليل من آثار هذا التبدل، ينصح العلماء بالنوم مبكراً تدريجياً قبل أيام من تغيير الساعة، والتعرض لضوء الشمس صباحاً للمساعدة في ضبط الإيقاع الداخلي، إضافة إلى تجنب الشاشات مساءً لتفادي تأثير الضوء الأزرق على إفراز الميلاتونين.
ورغم الجدل المستمر في الولايات المتحدة، فإن الكونغرس الأميركي لم يقر بعد مشروع “قانون حماية ضوء الشمس” الذي يدعو إلى اعتماد التوقيت الصيفي بشكل دائم، ما يعني أن الأميركيين سيواصلون مرتين سنوياً تعديل ساعاتهم بين من يرحب بساعة نوم إضافية ومن يخشى اضطراب جسده مع كل تحريك للعقارب.
