كتبت/ رانده حسن
إضطرابات الهوية الجنسية أو ما يُعرف اليوم في التصنيفات الحديثة باسم إضطرابات التوافق بين الجنس المحدد بيولوجيًا والهوية الجندرية (Gender Dysphoria) هو حالة نفسية تتمثل في عدم انسجام أو تناقض بين الجنس البيولوجي للفرد (ذكر أو أنثى) وبين الهوية الجندرية التي يشعر بها داخليًا (إحساسه بأنه ذكر أو أنثى أو كليهما أو لا شيء منهما).
هذا الإضطراب لا يُشير إلى مجرد إختلاف في الميول أو التعبير الجندري، بل إلى معاناة نفسية حادة نتيجة هذا التناقض، تُؤثر على حياة الفرد الإجتماعية، الإنفعالية، الدينية ، الثقافية والمهنية.
وهنا تختلف حسب البيئة والمجتمع والفرد ففي مجتمعاتنا الشرقية لها نظرة مختلفة عن المجتمعات الغربية…
أولاً: التعريف حسب التصنيفات الحديثة
في DSM-5-TR (الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، الطبعة الخامسة المنقحة):
يُعرَّف اضطراب الهوية الجندرية بأنه “ضيق نفسي ملحوظ ناتج عن عدم التوافق بين الجنس المحدد عند الولادة وتجربة الفرد الجندرية”، ويُشترط أن يستمر هذا التناقض لمدة لا تقل عن 6 أشهر وأن يؤدي إلى معاناة نفسية أو خلل وظيفي ملحوظ في مجالات الحياة المختلفة.
في ICD-11 (التصنيف الدولي للأمراض):
تم نقل الإضطراب من فئة “الإضطرابات النفسية” إلى فصل جديد يُسمّى “الحالات المتعلقة بالصحة الجنسية” تحت مسمى Incongruence Gender، في خطوة تهدف إلى تقليل الوصم النفسي والإجتماعي المرتبط به.
ثانياً: الأعراض الأساسية
1. رغبة قوية في الإنتماء إلى الجنس الآخر.
2. رفض أو انزعاج شديد من الخصائص الجنسية الجسدية.
3. تفضيل الأنشطة، الملبس، والأدوار الإجتماعية للجنس الآخر.
4. شعور مستمر بأن الجسد لا يعكس الهوية الحقيقية للفرد.
5. ضيق نفسي أو اكتئاب نتيجة هذا التناقض.
ثالثاً: الأسباب المحتملة (تعددية المنشأ)
عوامل بيولوجية:
بعض الدراسات أشارت إلى إختلافات في البنية العصبية والهرمونية بين الأفراد الذين يعانون من إضطرابات الهوية الجندرية وغيرهم، خاصة في مناطق الدماغ المسؤولة عن التمايز الجنسي.
عوامل نفسية-نمائية:
صعوبات في تشكّل الهوية خلال الطفولة، تجارب نفسية أو عائلية معقدة، إضطرابات في علاقة الطفل بالأبوين (حسب بعض مدارس التحليل النفسي).
عوامل إجتماعية وثقافية:
الصور النمطية حول الأدوار الجندرية، والضغوط الإجتماعية التي تفرض نموذجاً صارماً للذكورة والأنوثة.
رابعاً: العلاج والتكفل النفسي
يهدف العلاج إلى التخفيف من المعاناة وتحقيق التوافق النفسي والإجتماعي، وليس إلى فرض هوية معينة.
وهذا طبعاً حسب DSM5 و ICD وليس حسب التوجه الديني والاجتماعي وطبعا هذا التصنيف لم يراعي الخصوصيات الثقافية والإجتماعية والدينية للمجتمعات
وتشمل طرق التدخل:
1. العلاج النفسي الداعم: يساعد الفرد على فهم ذاته، وتخفيف القلق والاكتئاب المصاحبين.
2. العلاج الأسري: لتهيئة الأسرة وتخفيف الصراعات والرفض الاجتماعي.
3. العلاج الهرموني والجراحي (في بعض الحالات): يتم بعد تقييم دقيق من فريق متعدد التخصصات.
4. التكفل الإجتماعي: مواجهة الوصم وضمان حقوق الفرد في بيئة آمنة نفسياً.
