د.نادي شلقامي
في تطور علمي مثير للقلق، كشفت دراسة أجراها علماء روس عن آلية جزيئية محددة تشير إلى تأثير سلبي محتمل لمادة الفلوكسيتين، المكوّن النشط في عدد من مضادات الاكتئاب، على الجهاز التناسلي للإناث. وتوضح النتائج أن هذه المادة قد تعمل على تثبيط وصول السيروتونين إلى البويضات الناضجة، بالإضافة إلى تقليص نشاط الجينات الحيوية المسؤولة عن عملية نمو الجريبات داخل المبيض.
وأشار المكتب الإعلامي لمؤسسة العلوم الروسية إلى أن هذا التأثير قد يؤدي إلى تأخر نضوج الخلايا الجنسية وانخفاض معدل الإباضة.
وقال دينيس نيكيشين، الأستاذ المشارك في جامعة موسكو:
“دراستنا هي الأولى التي تكشف عن آلية جزيئية مباشرة للتأثيرات السلبية للفلوكسيتين على المبيض. لقد أثبتنا أن هذا الدواء لا يؤثر فقط على الدماغ أو الجهاز الهرموني، بل يستهدف البويضة نفسها، فيعطل تواصلها مع الخلايا الجرابية. وهذا يضعف جودة البويضات قبل الإباضة، ما قد يشكل خطرا على نجاح الإخصاب وتطور الجنين لاحقا”.
وكان العلماء قد أثبتوا سابقا أن تناول الفلوكسيتين يؤثر سلبا على نضج البويضات في مبايض إناث الفئران، مما يخفض احتمال حدوث الحمل بنسبة 18%. ومع ذلك، لم يجد الباحثون دليلا سابقا على تأثير الدواء في جودة البويضات الناضجة أو خصوبة النسل.
ولفهم الآلية بشكل أعمق، درس الباحثون مستوى السيروتونين في الأعضاء التناسلية لإناث الفئران التي تتلقى الفلوكسيتين. وتبين أن الدواء يقلل بشكل واضح من تركيز السيروتونين، وهو هرمون أساسي في تطور البويضات، مما ينعكس سلبا على نضجها ووظائف المبيض.
وأظهرت المتابعة أن الفلوكسيتين لم يسبب أي تغيّر في الهرمونات الجنسية أو اضطراب في الدورة الشهرية، لكنه منع تراكم السيروتونين داخل البويضات النامية، كما خفّض نشاط الجينات المسؤولة عن تفاعل البويضات مع الأنسجة المحيطة وتكوين الجريبات.
ونتج عن هذه التغيّرات انخفاض يقارب 30% في عدد البويضات الناضجة القادرة على الإخصاب لدى الفئران البالغة المعالجة بالفلوكسيتين.
ويؤكد نيكيشين أن هذه النتائج تبرز أهمية أخذ هذا العامل في الاعتبار عند اختيار مضادات الاكتئاب للمرضى الذين يخططون للحمل، نظراً إلى احتمال تأثير الفلوكسيتين السلبي على جودة البويضات وفرص النجاح في الإنجاب.
