بقلم أسامة نجيب
حبُّ الأوطان غريزةٌ فطرية وشعورٌ عميق بالانتماء والولاء، وليس مجرد إحساسٍ عابر، بل دافعٌ صادق للتضحية والبذل والعطاء.
ويتجلّى حب الوطن في الحنين إلى الأرض التي نشأ عليها الإنسان، وإلى ذكرياته وأهله وأحبابه. وهو أيضًا سلوك إيجابي يتمثّل في العمل من أجل رفعة الوطن والدفاع عنه. ولا يتعارض هذا الحب مطلقًا مع الولاء الديني أو الإنساني، بل يحقّق التوازن بينهما.
وقد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة والنموذج الأكمل في حب الأوطان. فقد تجلّى هذا المعنى يوم الهجرة النبوية المشرفة عندما وقف على مشارف مكة، مخاطبًا أرضها، ليُظهر مكانتها في قلبه، قائلًا:
“والله يا مكة إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إليّ، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت.”
فأنزل الله تعالى عليه الآية الكريمة: “إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ.”
وقد تحقق الوعد الإلهي بعد سنوات بفتح مكة في العام الثامن من الهجرة.
ومن حب الأوطان نشأت فكرة المنافسات الرياضية، التي جعلت الدافع الأول للبطل هو رفع راية بلاده عاليًا بين رايات العالم، والاستماع إلى نشيده الوطني يعلو دون سواه. فهي منافسات شريفة، هدفها الأسمى هو تشريف الوطن.
وللبطل المظفّر صرخةٌ يطلقها في ميادين الرياضة، تحمل نشوة النصر وفرحة الوصول إلى المأمول. ولكن…
عندما تأتي الصرخة خارج ساحات المنافسات، فهي بلا شك تحمل ألمًا لم يكن أحد يتمنى سماعه؛ لأنها لا تمتّ للرياضة بصلة، بل تعبّر عن ضيق ومرارة.
وهذه الصرخة خارج الميدان، صدرت بالفعل من ابن مصر البار أيمن جلال، بطل العالم في لعبة الكونغ فو، والذي سبق أن كرّمه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد شارك مؤخرًا في بطولة العالم MMA وحصل على المركز الثاني عالميًا بعد إصابة قوية بكسر في يده قبل المباراة النهائية، كلفته عملية جراحية بمبالغ كبيرة من نفقته الخاصة، ومنعته من خوض النهائي.

واليوم يطالب هذا البطل الوطني المسؤولين بوزارة الشباب والرياضة، والاتحاد المصري للكونغ فو، بالنظر في حالته ودعمه ماديًا ليستطيع استكمال مسيرته ومسيرة مصر في المحافل الدولية.
ومن منطلق إيماننا بدورنا الصحفي وضميرنا المهني—ليس فقط في نقل الخبر، بل في حمل صوت صاحب الحق إلى أعلى الجهات—فإننا نرفع من هنا صرخة بطلنا العالمي أيمن جلال إلى السادة المسؤولين، واثقين أن مصر لم ولن تترك أبطالها يومًا.
فالأوطان لا تسمو إلا بأبنائها… والأبطال لا يستحقون إلا كل تقدير ودعم.
